قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في القطع في العارية إذا جحدت.
حدثنا الحسن بن علي ومخلد بن خالد المعنى قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر قال مخلد: عن معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر: (أن امرأة مخزومية كانت تستعير المتاع فتجحده، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها فقطعت يدها)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [باب القطع في العارية إذا جحدت]، يعني: حكم القطع، هل تقطع أو لا تقطع؟ وأورد أبو داود رحمه الله بعض الأحاديث في ذلك، وفيها ذكر القطع، وقد جاءت أو أكثر الروايات التي فيها القطع في العارية تدل على أنها سرقت، وأنها متصفة بالسرقة وبجحد العارية، فيكون قطعها بسبب السرقة، وليس بجحد العارية؛ لأن جحد العارية داخل في الخيانة، فقد ثبت أنه لا قطع على خائن؛ لأن الخائن يمكن أن يتوصل إلى ما عنده عن طريق السلطان والوالي، وأما السرقة فهي التي يكون فيها خفاء، فكانت عقوبتها أن تقطع اليد بسبب تلك الجناية.
وجاء في بعض الأحاديث ذكر الجحد والقطع، وجاء في بعضها -وهي أكثر الروايات- أنها سرقت وقطعت، وذكر جحد العارية إنما كان من باب التعريف وأنها قد اشتهرت بذلك، فلم يكن القطع لهذا، وإنما كان القطع للسرقة.
وقد مر الحديث الذي فيه شفاعة أسامة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أتشفع في حد من حدود الله؟) قال: (والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).
وجاء فيه أن المخزومية كانت سارقة، فدل على أن القطع إنما هو بسبب السرقة، والعارية جاءت من باب التعريف، وقد جاءت الأحاديث التي تدل على عدم القطع بالخيانة وهذا من هذا القبيل.