قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من سرق من حرز.
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عمرو بن حمال بن طلحة حدثنا أسباط عن سماك بن حرب عن حميد بن أخت صفوان عن صفوان بن أمية رضي الله عنه قال: (كنت نائماً في المسجد على خميصة لي ثمنها ثلاثين درهماً فجاء رجل فاختلسها مني، فأخذ الرجل فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر به ليقطع، قال: فأتيته فقلت: أتقطعه من أجل ثلاثين درهماً؟ أنا أبيعه وأنسئه ثمنها، قال: فهلا كان هذا قبل أن تأتيني به)].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب من سرق من حرز].
يعني: أن القطع يكون فيما سرق من حرز، والحرز يكون مثل البيوت والصناديق والمخابئ أو الجيوب كجيب الإنسان وغيرها من الأحراز التي يحفظ فيها المال، وكذلك هنا في كون الإنسان توسده وجعله وسادة له، واستله من تحته وأخذه فإنه في حرز، وكذلك أيضاً هو في المسجد، ولكن كونه في المسجد هذا لا يعتبر حرزاً؛ لأن المسجد عام للناس، فيكون فيه من الأمور الظاهرة، ولكن كونه قد توسده وجعله له وسادة فهذا هو حرز.
قوله: [(كنت نائماً في المسجد على خميصة لي ثمنها ثلاثين درهماً فجاء رجل فاختلسها مني)].
جاء في بعض الروايات أنه توسدها، ومعنى ذلك: أنها كانت في حرز، ومحل الشاهد أنه كان قد توسدها.
قوله: [(فأخذ الرجل فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به ليقطع)].
لأنه أخذها من حرز فقال: (أنا أبيعه إياه وأنسئه ثمنها) يعني: أصبر عليه في القيمة، فأنا أملكه إياها وقيمتها ثلاثون درهماً، فأنا أطالبه بها وأجعلها نسيئة، يعني لا آخذ منه ثمنها الآن، وإنما أمهله وآخذ منه ذلك في المستقبل، قال: (فهلا كان ذلك قبل أن تأتيني)، وهذا يبين أن الأمور إذا وصلت إلى السلطان فليس هناك إلا التنفيذ، ولا مجال للشفاعة فيها أو التنازل من صاحب الحق في ذلك، وإنما كان هذا قبل أن تصل إلى السلطان، فإذا وصلت إليه فليس لصاحبه أن يتنازل، وليس لأحد أن يشفع عند السلطان، وليس للسلطان أن يعفو ويسامح.