قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء.
حدثنا عمرو بن محمد الناقد حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه قال: حدثتني عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الغائط قال: غفرانك)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء]؛ لأنه سبق أن مر ذكر ما يقول إذا أراد أن يدخل الخلاء.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك).
يعني: أطلب وأسأل غفرانك، وهو مفعول به حذف عامله، والتقدير: أسألك غفرانك أو أطلب غفرانك، فهو كلام مختصر ذكر فيه المفعول وحذف الفعل والفاعل، ومن المعلوم أن الفاعل هو المتكلم، وهو ضمير مستتر في أطلب، أي: أطلب أنا غفرانك.
وقيل: إن الحكمة في كونه يقول: (غفرانك)، هي أنه يحصل التقصير من الإنسان إذا كان في مكان قضاء الحاجة حيث يمتنع من ذكر الله.
ويمكن أيضاً أن يكون المراد به: غفرانك مما يحصل مني من التقصير في عبادتك وفي شكرك؛ لأنك قد أنعمت علي بالنعم، وحصل لي فائدة المطاعم والمشارب، وأنت تفضلت علي بسهولة دخولها وخروجها، وهي نعمة عظيمة أنعمت بها علي، فأنا أسألك المغفرة لما حصل مني من التقصير في شكر هذه النعم ومقابلة هذه النعم التي أنعمت بها علي، وهي أن الطعام يأكله الإنسان ويتغذى به ويستفيد منه، ثم يتحول إلى رجيع وإلى بول ويخرج منه بسهولة ويسر بدون مشقة، ولم يحبس الله الغائط والبول فيتضرر الإنسان.
كل ذلك محتمل، وكل ذلك صالح بأن يكون طلب المغفرة يرجع إليه، يعني: إما لكون الإنسان جلس فترة وهو لا يذكر الله، أو لأنه حصلت له هذه النعم التي لا يقوم بشكرها ولا يؤدي شكرها، وهي نعم عظيمة تستوجب من الإنسان الشكر لله عز وجل، ولكنه مقصر؛ ولذا يطلب من الله تعالى المغفرة.