قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الستر على أهل الحدود.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان عن زيد بن أسلم عن يزيد بن نعيم عن أبيه: (أن ماعزاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأقر عنده أربع مرات، فأمر برجمه وقال لـ هزال: لو سترته بثوبك كان خيراً لك)].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب الستر على أهل الحدود].
والمقصود بالستر عليهم هو: عدم إظهار أمرهم، ورفع دعواهم وأنه يستر عليهم، ولكن هذا فيه تفصيل؛ لأنه إذا كان قبل أن يصل إلى السلطان فقد مر بنا حديث التعافي، وأن التسامح في ذلك ممكن، وإنما المحذور إذا بلغت السلطان.
والستر على أصحاب الحدود إذا كان الشخص معروفاً بالفسق والفجور أو معروفاً بأمور محرمة والإقدام عليها، وكونه لم تحصل له عقوبة تردعه فإن عدم الستر في هذه الحالة أولى؛ لأنه يترتب على ذلك كون شره ينتشر، وأنه يحصل منه هذا العمل المنكر باستمرار، ويحصل الإضرار بالناس، وأما إذا كان لم يحصل منه هذا التكرار، وإنما حصل منه هفوة أو زلة أو ما إلى ذلك، فهذا يمكن أن يفرق بينه وبين من يكون معروفاً بالسوابق وتكرار تلك الأمور المحرمة، وإنما الستر فيه تفصيل.
وأبو داود رحمه الله أورد حديثاً ضعيفاً، لكن الحديث الذي مر والأمر بالتعافي يدل على الستر، ولكن كما أشرت ليس كل صاحب حد يستر عليه.
أورد أبو داود حديث نعيم بن هزال رضي الله تعالى عنه: أن ماعزاً أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأقر بالزنا، فقال لـ هزال الذي هو والد نعيم: (لو سترته بثوبك كان خيراً لك) وذلك أن هزالاً كان ولي أمر ماعز، وقد أوصاه به والده مالك والد ماعز، وكان نشأ في حجره، ولما حصل له ذلك قال له: لو ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بالذي حصل من الزنا، فالرسول قال له: (لو سترته) يعني: لو أخفيت عنه وما قلت له يأتي إلي، هذا هو المقصود بمحل الشاهد للترجمة في قوله: (الستر على أهل الحدود) لأنه قال: (لو سترته بثوبك) يعني: لو أخفيت أمره ولم تقل له أن يأتي إلي ويعترف بالزنا، والإنسان إذا استتر بستر الله وتاب إلى الله عز وجل، وأحسن في المستقبل، فالتوبة تجب ما قبله، والله تعالى يتوب على من تاب.