قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عباد بن موسى الختلي أخبرنا إسماعيل بن جعفر المدني عن إسرائيل عن عثمان الشحام عن عكرمة قال: حدثنا ابن عباس: (أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر، قال: فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه، فأخذ المغول فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طفل، فلطخت ما هناك بالدم، فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمع الناس فقال: أنشد الله رجلاً فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام، قال: فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أنا صاحبها، كانت تشتمك وتقع فيك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة، فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك، فأخذت المغول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا اشهدوا أن دمها هدر)].
أورد أبو داود باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم.
يعني: حكمه إذا سب الرسول صلى الله عليه وسلم الكفر والردة عن الإسلام، وذلك أن الرسول الكريم عليه السلام هو الذي أرسله الله بالحق والهدى، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، فمسبته والقدح فيه قدح فيما جاء به عليه الصلاة والسلام، وقد أورد أبو داود حديث ابن عباس: أن رجلاً أعمى كان له أم ولد، وأم الولد هي الأمة التي ولدت له فصار يقال لها: أم ولد، يعني: تبقى حتى يموت وتعتق بموته، وكان له منها ولدان كاللؤلؤتين، وكانت تسب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ينصحها فلا تنتصح ولا تنتهي، وكانت به رفيقة، يعني: كانت معاملتها له طيبة، ولكن كونها تسب الرسول صلى الله عليه وسلم غضب للرسول صلى الله عليه وسلم، ولم ينظر إلى حظ نفسه، فلم ينظر إلى إحسانها إليه، ورفقها به، ومعاملتها له معاملة طيبة، وإنما ساءه وأغضبه هذا الجرم الذي يحصل منها وهو شتم الرسول صلى الله عليه وسلم وسبه، فذات ليلة حصل منها أنها شتمته فقام وأخذ المغول وهو كالسيف الصغير يجعله الإنسان بين ثيابه، وهو ليس كبيراً بحيث يظهر، ولكنه شبيه بالسيف إلا أنه صغير، فجاء فوضعه على بطنها واتكأ عليها حتى ماتت، ولطخت ما حولها من الدم، ووقع بين يديها صبي، يعني: أنه أحد أولادها، لعله وقع بين رجليها أو جاء بين رجليها، ولكن ليس معناه أنه أصابه قتل، أو أصابه هلاك، وإنما يمكن أنه لما رآها جاء ووقع بين رجليها، فالرجل أخفى نفسه ولم يظهر الأمر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فجمع الناس، وأنشدهم بالله عز وجل أن الذي حصل منه ذلك أن يبين نفسه، فقام رجل أعمى يتخطى الناس حتى جاء وقعد عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أنا صاحبها، قال: ما لك؟ قال: إنها كانت تشتمك، وإنها كانت بي رفيقة، وإني نصحتها فلم تستجب، وإنها البارحة حصل منها ذلك فقمت وفعلت بها كذا وكذا، فقال عليه الصلاة والسلام: (ألا اشهدوا أن دمها هدر) يعني: أنه قتل بحق.