قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في حسر الفرات عن كنز.
حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي حدثني عقبة بن خالد السكوني حدثنا عبيد الله عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً)].
قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب حسر الفرات عن كنز، يعني: انكشافه بحيث يظهر كنز فيه، وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة مرفوعاً: (يوشك أن يحسر الفرات عن كنز، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً)، وقد جاء في بعض الروايات: (جبل من ذهب) وهذا يدل على كثرته، وسمي كنزاً باعتبار أنه قد اندفن، ثم يظهر بعد ذلك فيؤمه الناس ويقتتلون عليه، وهذا من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمور المستقبلة، ولا بد أن تقع طبقاً لما أخبر به صلى الله عليه وسلم، وهذا لم يقع حتى الآن ولكنه لابد أن يقع، وما يظنه بعض المعاصرين من أن هذا الكنز هو البترول فهذا غير صحيح؛ لأن البترول ليس بذهب، وإن كان الناس في هذا الزمان يقولون عنه: الذهب الأسود، لنفاسته، ولأنه يأتي بالذهب، إلا أنه لا يقال له: ذهب؛ لأن الذهب شيء جامد أصفر، والبترول سائل، وليس بذهب، وقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كنز، وأن الفرات يحسر عنه، وأن الناس يقتتلون عليه، فيهلك تسعة وتسعون في المائة، وينجو واحد في المائة، ويكون عند الناس في ذلك الوقت شدة وحرص على الدنيا، فهم يعلمون بأن نسبة الهلاك تسعة وتسعون، ونسبة النجاة واحد في المائة، ومع ذلك يقدم أحدهم ويقول: لعلي أن أكون أنا الواحد في المائة! وهذا يدل على شدة الحرص على الدنيا في ذلك الوقت، ومعلوم أن هذا لم يقع، ولكنه لا بد أن يقع؛ لأن ما أخبر به الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام لا بد من وقوعه، وأما بترول العراق فإنه ما حصل اقتتال عليه، وما حصل أن الناس أموه ليأخذوه فهلك منهم تسعة وتسعون في المائة ونجا واحد في المائة، فلم يحصل شيء من هذا، فهذه الأدلة تدل على بطلان هذا القول الفاسد، وهو قول من قال: إن المقصود به بترول العراق! وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم من حضره ألا يأخذ منه شيئاً.