شرح حديث: (لن يجمع الله على هذه الأمة سيفين)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ارتفاع الفتنة في الملاحم.

حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا إسماعيل قال: ح وحدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا الحسن بن سوار حدثنا إسماعيل حدثنا سليمان بن سليم عن يحيى بن جابر الطائي -قال هارون في حديثه- عن عوف بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لن يجمع الله على هذه الأمة سيفين: سيفاً منها، وسيفاً من عدوها)].

أورد المصنف باب في ارتفاع الفتنة في الملاحم، ولعل المقصود من ذلك أنه لا يحصل للمسلمين بسبب الملاحم الانقراض أو الضرر الذي يحدق بهم ويحيط بهم، وإنما يحصل لهم فتنة وضرر جزئي، ومن قتل منهم يكون شهيداً، ومن بقي منهم فإنه يبقى ويعيش على خير.

والحديث الذي أورده أبو داود هو حديث عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه مرفوعاً: (لن يجمع الله على هذه الأمة سيفين: سيفاً منها) يعني: من المسلمين (وسيفاً من عدوها) أي: من الكفار، والمقصود بسيف الكفار الاستئصال، وهو الذي سبق بيانه في الحديث: (سألت الله عز وجل ألا يهلك أمتي بسنة عامة، وألا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم حتى يكون بعضهم يقتل بعضاً، ويسبي بعضهم بعضاً) وهذا السيف قد وجد، والسيف الذي من الكفار هو كونهم يغزون المسلمين ويتسلطون عليهم، فهذا ليس هو المنفي، وإنما المنفي هو الاستئصال كما جاء في الحديث المتقدم: (ألا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم)، فالإسلام باق ولن يندثر ولن ينتهي، بل هو مستمر إلى أن تخرج الريح اللينة التي تقبض روح كل مسلم ومسلمة، ويبقى شرار الناس الذين لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً، حتى لا يقال فيهم: الله، فعند ذلك تقوم عليهم الساعة، وهم شرار الخلق، وأما قبل ذلك فإن الحق باق، وأهله موجودون، ولن يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله، وأمر الله هو تلك الريح التي تقبض روح كل مسلم ومسلمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015