قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن البول في الجحر.
حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن عبد الله بن سرجس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الجحر).
قال: قالوا لـ قتادة: ما يكره من البول في الجحر؟ قال: كان يقال: إنها مساكن الجن].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [باب النهي عن البول في الجحر]، والجحر هو: الثقوب التي تكون في الأرض والتي تحفرها بعض الحيوانات أو بعض هوام ودواب الأرض وتدخلها وتكون فيها.
ثم أورد حديث عبد الله بن سرجس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى أن يبال في الجحر) وأحد رواة قتادة قال له: ما يكره من البول في الجحر؟ يعني: ما هو السبب في كراهية البول في الجحر؟ فقال: يقال: إنها مساكن الجن، يعني: أن هذا هو التعليل للنهي عن البول فيها.
وهذا من كلام قتادة وأيضاً قال: يقال: إنه كذا وكذا، لكن لاشك أن الإنسان عليه أن يجتنب البول في الجحر سواء كان فيها مساكن جن أو كان فيها دواب وحيوانات، فالإنسان لو بال في الجحر ثم خرج عليه من ذلك الجحر حية أو عقرب أو شيء ففزعه وقام ولوث نفسه بالنجاسة فإن ذلك يكون بسبب هذا التصرف الذي فعله.
فليس للإنسان أن يبول في الجحر، وهذا الحديث غير ثابت، لكن معناه صحيح، وهو أن الإنسان لا يؤذي تلك الحيوانات بالبول؛ لأن فيه إيذاء لها، ثم أيضاً قد تخرج وتؤذيه ويتأذى هو، إما تؤذيه بكونها ضارة فتصيبه بضرر أو على أقل الأحوال يفزع فيتناثر البول على جسده أو على ثيابه فيترتب على ذلك مضرة ومفسدة.
فالحديث لم يصح، ولكن معناه: أن الإنسان يجتنب ذلك؛ لما قد يترتب على ذلك من المفاسد ومن الأذى، وذلك بكونه يؤذي غيره ممن هو في الجحر سواء كان جناً أو حيوانات أو دواباً من دواب الأرض، وأيضاً قد يناله هو الضرر بكونه يخرج منه شيء يؤذيه أو على أقل الأحوال يفزع منه فتقع عليه النجاسة بسبب ذلك.