عدالة الصحابة وما جاء في تحديد مدة صحبة بعضهم للنبي

قوله: [قال: لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة].

هذا فيه ذكر الرجل بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي الصحبة دون أن يسميه، ولكن أثبت صحبته وأنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة، وأبو هريرة معروفة صحبته للرسول صلى الله عليه وسلم.

ويحتمل أن يكون المراد بالصحبة الملازمة، ويحتمل أن يكون المراد بالصحبة التي أشار إليها وأضافها إلى أبي هريرة التحقق من أنه صحابي، فكما أن أبا هريرة محقق أنه صحابي فهذا محقق أنه صحابي، فيحتمل أن يكون ذكر أبي هريرة المقصود منه: التحقق من أنه صحابي كما أن أبا هريرة حقيقة صحابي أو أن المقصود به كثرة ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن أبا هريرة رضي الله عنه لازم النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد ذكر الحافظ ابن عبد الهادي في (المحرر في الحديث) عند حديث حميد الحميري، قال: لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنين كما صحبه أبو هريرة.

قال: الرجل المبهم قيل: هو الحكم بن عمرو وقيل: عبد الله بن سرجس، وقيل: عبد الله بن مغفل.

وتحديد مدة الصحبة بأربع سنين جاء في سنن أبي داود في باب النهي عن وضوء الرجل بفضل المرأة ووضوء المرأة بفضل الرجل حيث قال: (حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير عن داود بن عبد الله ح وحدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن داود بن عبد الله عن حميد الحميري قال: لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنين كما صحبه أبو هريرة).

فالإسناد هو الإسناد الأول إلا أن له طريقاً أخرى تنتهي إلى داود بن عبد الله، وعلى هذا فكون المجهول فلان أو فلان أو فلان هذا يتوقف على معرفة أن كل واحد منهم صحبه أربع سنين.

وعلى كل -سواء عرف أو لم يعرف- فالصحابة رضي الله عنهم المجهول فيهم في حكم المعلوم سواء سمي أو لم يسم، ولا تؤثر جهالة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فكل تؤثر جهالته إلا الصحابة، وكل يحتاج إلى البحث عنه إلا الصحابة؛ لأن الصحابة عدلوا من الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يحتاجون إلى تعديل أحد، وغيرهم هو الذي يحتاج إلى أن تعرف أفعاله فيعدل أو يجرح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015