قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عوف الطائي حدثنا محمد بن إسماعيل حدثني أبي قال ابن عوف: وقرأت في أصل إسماعيل قال: حدثني ضمضم عن شريح عن أبي مالك -يعني: الأشعري - رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أجاركم من ثلاث خلال: ألا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعاً وألا يظهر أهل الباطل على أهل الحق، وألا تجتمعوا على ضلالة)].
أورد أبو داود حديث أبي مالك الأشعري: (إن الله أجاركم من ثلاث: ألا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا)، كما دعا نوح عليه السلام على قومه، وحصل هلاكهم، وهذا لم يحصل من النبي صلى الله عليه وسلم، بل إنه عليه الصلاة والسلام لما أوذي واشتد به الأذى وخرج مهموماً مغموماً على وجهه خاطبه جبريل، وقال: (إن هذا ملك الجبال فأمره بما شئت، فخاطبه ملك الجبال وقال: إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، وهما جبلا مكة، فقال: لا، بل أرجو من الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً)، فهو لم يدع عليهم مع ما حصل له منهم من الأذى.
قوله: [(وألا يظهر أهل الباطل على أهل الحق)]، بأن يظهر الكفار على المسلمين بحيث يقضوا عليهم، فيكون من جنس (وألا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم)؛ فإن أريد به الكفار، وأنهم يقضون على الإسلام، ويستبيحون بيضة الإسلام ولا يبقى إسلام، فهذا لا يكون، وهو الذي مر في الحديث السابق، وإن أريد به أنه قد يحصل من أهل الضلال من يكون عنده غلبة وله سلطة وولاية، فهذا يقع ويحصل.
قوله: [(وألا تجتمعوا على ضلالة)]، لا يتفقون على ضلالة، بمعنى: أنهم يتركون الحق وتخلو الأرض من الحق، ولا يبقى إلا الضلال وتجتمع الأمة على الضلال فهذا لا يكون.
والحديث فيه انقطاع بين شريح وبين أبي مالك فهو لم يدركه، ذكر ذلك الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة.
لكن فيما يتعلق بعدم اجتماع الأمة على ضلالة، فإن هذا محل اتفاق ولا خلاف فيه، فالأمة لا تجتمع على ضلالة من أولها إلى آخرها، ولن تخلو الأرض ممن هو على حق وهدى.