قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير عن داود بن عبد الله عن حميد الحميري -وهو ابن عبد الرحمن - قال: لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه وآله سلم كما صحبه أبو هريرة قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم أو يبول في مغتسله)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم صحبه كما صحبه أبو هريرة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يمتشط أحدنا كل يوم)، يعني: يوماً بعد يوم، (وأن يبول في مغتسله)، وهذا يوافق الجزء الأول من الحديث المتقدم فيكون شاهداً له.
وقوله: (نهى أن يمتشط أحدنا كل يوم)، المقصود بذلك: الإشارة إلى الابتعاد عن الترفه وعن كون الإنسان يشغل نفسه دائماً وأبداً في حاله وتجمله وما إلى ذلك، وإنما يكون الإنسان متوسطاً لا مهملاً ولا متوسعاً وشاغلاً وقته في إظهار نفسه بمظهر أحسن؛ لأن ذلك الشغل يكون فيه ترفه ويكون فيه أيضاً اشتغال عن أمور أخرى يكون بحاجة إليها.
فعلى الإنسان ألا يكون شاغلاً باله في نفسه وفي هيئته وفي شكله وفي لباسه وفي شعره وعنايته به وما إلى ذلك، لكن إذا كان الأمر يحتاج إلى ذلك بأن يكون شعثاً ويكون كثيفاً أو يكون هناك أشغال تؤدي إلى أن يكون شعثاً فلا بأس بإصلاحه وترجيله، وقد سبق أن ذكرنا ما يدل على ذلك في شرح كتاب الزينة في آخر سنن النسائي، فيكون المنع إنما هو في الذي لا تدعو إليه حاجة ولا تدعو إليه ضرورة، أما إذا كان الإنسان صاحب عمل وصاحب شغل ويصيبه الشعث ويصيبه التراب ويصيبه كذا وكذا فهذا لا بأس أن يعنى بشعره كل يوم.