قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا ابن نفيل حدثنا زهير قال: قرأت على عبد الملك بن أبي سليمان وقرأه عبد الملك على أبي الزبير ورواه أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: (كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة).
قال أبو داود: الاستحداد حلق العانة].
أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله قال: (كنا نعفي السبال إلا في حج وعمرة) والسبال هو الشارب، وهذا الحديث منكر؛ لأنه مخالف لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من أن الشارب يحفى ويجز، وأنه وقت للإنسان مدة أربعين بحيث يأتي بهذه الأشياء المطلوبة منه، وهذا الحديث يعارضه، ولكنه غير صحيح.
وهذا الإسناد الذي ذكره أبو داود هنا صيغته ولفظه يختلف عن الصيغ التي سبق أن مرت؛ لأنه كله حكاية من شيخ شيخ أبي داود: قرأته وقرأه فلان على فلان، وفلان رواه عن فلان، ومعلوم أن أبا الزبير المكي مدلس، وهذه العبارة التي روى بها لا تدل على السماع، وإنما فيها الإخبار بالرواية، والرواية يدخل فيها كونه يقول: عن فلان، أو يقول: قال فلان، والحديث من حيث الإسناد فيه ما فيه، ومن حيث المتن أيضاً هو منكر؛ لأنه مخالف لما ثبت في الأحاديث الصحيحة الدالة على أخذ الشارب وعدم تركه، وهذا الحديث فيه تركه إلا في حج أو عمرة، والإنسان قد لا يحج ولا يعتمر مدة طويلة فإذا تركه سيكون من أكره المناظر، وأشوه ما يكون في المنظر، فالحديث غير صحيح لا من حيث الإسناد، ولا من حيث المتن.