قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في تطويل الجمة.
حدثنا محمد بن العلاء حدثنا معاوية بن هشام وسفيان بن عقبة السوائي -هو أخو قبيصة - وحميد بن خوار عن سفيان الثوري عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ولي شعر طويل، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذباب ذباب.
قال: فرجعت فجززته ثم أتيته من الغد فقال: إني لم أعنك، وهذا أحسن)].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب في تطويل الجمة.
والجمة كما عرفنا هي التي تصل إلى المنكبين.
وأورد أبو داود حديث وائل بن حجر رضي الله عنه، وفيه أنه أطال شعره حتى تجاوز الجمة، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وله شعر طويل، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ذباب ذباب) وفهم منه أنه يعنيه، وأنه ينكر عليه الهيئة التي هو عليها، ولعله فهم أن ذلك مخالف للهيئة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فظن أن هذا الكلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكار عليه، فذهب وجزها ثم رجع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لم أعنك، وهذا أحسن) يعني: هذا الذي فعلته والهيئة التي أنت عليها الآن أحسن من الهيئة الأولى.
فقوله: (هذا أحسن) يدل على أن الذي تركه سائغ؛ لأن قوله: (أحسن) يدل على تفضيل حالة على حالة وكل من الحالتين سائغة: الحالة التي فيها التطويل والحالة التي فيها الاقتصار على الجمة.
فقوله: (هذا أحسن) يدل على تفضيل وأولوية هذه الحالة، كما يدل على جواز ما كان عليه وائل بن حجر والذي عمد إلى قصه بعد أن سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الكلام وهو لم يعنه.
ولا أدري ماذا يراد بقوله: (ذباب ذباب) فبعض الشراح قالوا إن معناه: شؤم، ولكني لا أعرف ما هو المقصود من هذه الكلمة.