قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا النفيلي قال حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي أمامة عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً عنده الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسمعون؟ ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان) يعني: التقحل.
قال أبو داود: هو أبو أمامة بن ثعلبة الأنصاري].
أورد أبو داود حديث أبي أمامة وهو إياس بن ثعلبة الأنصاري رضي الله تعالى قال: (ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده الدنيا يوماً فقال: ألا تسمعون؟ ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان) والمقصود بالبذاذة: التقحل، يعني: ألا يكون الإنسان متوسعاً ولا متنعماً، وألا يكون شغله الشاغل جسمه ومظهره، وكأنه ليس عنده إلا هذه المهمة، وليس له إلا هذه الغاية، وإنما يكون معتدلاً متوسطاً في هذه الأمور.
فالبذاذة هي التقشف، وكون الإنسان لا يكون معنياً بجسده حتى يكون في غاية النعومة وغاية التنعم، وإنما يتوسط ويعتدل.
وكون البذاذة من الإيمان معناه: أن الإنسان يكون معتدلاً متوسطاً في أموره، وذلك مما جاء به الإسلام، ومما جاء به الشرع، وكون الإنسان يتبع الشيء الذي أرشد إليه الشرع ودل عليه هو من إيمانه ومن استسلامه وانقياده للشرع.
فإن قيل: ما وجه الجمع بين حديث: (إن الله جميل يحب الجمال) وبين هذا الحديث: (البذاذة من الإيمان)؟ ف
صلى الله عليه وسلم أنه لا تنافي بينها؛ لأن الجمال بدون مبالغة وبدون إسراف وبدون غلو مطلوب، والبذاذة ليس المقصود بها سوء الهيئة، وأن الإنسان يكون على هيئة ليست بطيبة، وإنما المقصود أن يكون معتدلاً.
وهذا الحديث هو للنساء والرجال سواء، إلا أن النساء فيما بينهن وبين أزواجهن يتجملن بالشيء الذي هو سائغ.