قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الفرش.
حدثنا يزيد بن خالد الهمداني الرملي، حدثنا ابن وهب، عن أبي هانئ عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الفرش، فقال: (فراش للرجل، وفراش للمرأة، وفراش للضيف، والرابع للشيطان)].
أورد أبو داود هذه الترجمة: باب في الفرش، يعني: ما يتخذ من الفرش.
وكيف تتخذ الفرش.
لما ذكر اللباس سواء كان يتعلق بالجسد، أو يتعلق بالرجلين، ذكر ما يتعلق بالافتراش، وهو ما يفترش ويتخذ فراشاً يجلس عليه.
أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر الفرش فقال: (فراش للرجل، وفراشٌ للمرأة، وفراش للضيف، والرابع للشيطان) وهذا على حسب عادة الإنسان، فإذا كان من عادته أنه كثير الضيفان فهو يعدد الفرش من أجل الضيفان، وأما إذا كانوا قليلين أو أنه نادر أو قليل أن يأتيه الضيف، فإنه يضع على قدره، والمقصود من ذلك أنه لا يوضع شيء للمباهاة ولغير الحاجة إليه، وأما إذا كانت الحاجة إليه موجودة، فإن ذلك سائغ.
ومعلوم أن الضيف يطلق على الواحد وعلى الأكثر، فإذاًَ: المقصود بالضيف، ما يحتاج إليه الضيف، سواء كان واحداً أو أكثر، وهذا على حسب عادة الإنسان، فإذا كان من عادته أنه يعدد الضيوف؛ فهو يعدد الفرش انتظاراً للضيوف، وإذا كان ليس كذلك فإنه يكون عنده زيادة واحد.
وهذا فيما إذا كان مع أهله فقط، أما إذا كان البيت مكوناً من أفراد، فكلٌ له فراش، ولكن المقصود من ذلك هو ألا يتخذ شيئاً من أجل المباهاة ومع عدم الحاجة، فتبقى الفرش مدة طويلة لا يستفاد منها لعدم الحاجة إليها، أما مع الحاجة فإنه لا بأس في ذلك.
وقوله: [للشيطان].
قيل: يحتمل أنه إذا كان للمباهاة فهو مما يريده الشيطان، ومما يحبه الشيطان، وقيل: إن الشيطان يتخذه فراشاً بمعنى أنه يفترشه ويستعمله؛ لكن كما عرفنا أنه قد جاء في الحديث أن الإنسان إذا دخل وذكر الله عز وجل فإن الشيطان يقول لأصحابه ولأتباعه فاتكم المبيت، وإذا لم يذكر الله عز وجل يقول: أدركتم المبيت، أدركتم المبيت، معناه أنهم يدخلون ويبيتون، وأما إذا حصل من الرجل التسمية فإنهم لا يدخلون.