قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في حل الأزرار.
حدثنا النفيلي وأحمد بن يونس قالا: حدثنا زهير حدثنا عروة بن عبد الله -قال ابن نفيل: ابن قشير أبو مهل الجعفي - حدثنا معاوية بن قرة حدثني أبي قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من مزينة، فبايعناه وإن قميصه لمطلق الأزرار، قال: فبايعته، ثم أدخلت يدي في جيب قميصه فمسست الخاتم، قال عروة: فما رأيت معاوية، ولا ابنه قط إلا مطلقي أزرارهما في شتاء ولا حر، ولا يزرران أزرارهما أبداً)].
أورد أبو داود [باب في حل الأزرار] الأزرار جمع زر، والزر هو ما يزر به جيب القميص، وحله: عدم زره.
أورد حديث قرة بن إياس رضي الله عنه أنه جاء مع نفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رآه لابساً قميصاً محلول الأزرار؛ فكان معاوية وابنه مطلقي الأزرار، ولا يزررانها لا في شتاء ولا حر، ولا يزرران أزرارهما أبداً.
هذا الحديث دل على أنهم رأوه محلول الأزرار، ولا يعني هذا أنه محلول الأزرار دائماً وأبداً، وأن هذا شأنه، وإلا فلماذا تتخذ الأزرار إذا كان الإنسان سيكون جيبه مفتوحاً باستمرار، ولكن هذه هي الرؤية التي رآها قرة، فأراد أن يكون على هذه الهيئة التي رأى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعني هذا أن الأزرار وتشترى وتركب في الثياب ثم لا تزر أبداً، هذا لا يدل عليه الحديث.
وقوله: (محلول الأزرار) يدل على أنه كان يحل ويزر، وفي هذه الحالة كان محلولاً؛ لأنه لو لم يكن يزر في بعض الأحيان ما كان لوضعه من الأصل حاجة؛ لكن كونه يشترى ويوضع في القميص إنما يوضع لحاجة، لا للزينة، وإنما يوضع لكونه يزر، والتعبير بكونه محلولاً يعني أنه مطلق الأزرار، ومفهوم ذلك أنه يكون مطلقاً وغير مطلق، وأنه يزره في بعض الأحيان ويطلقه في بعض الأحيان، فتكون هذه الهيئة التي رآه عليها دليلاً على جواز إطلاق الأزرار، ووضعها يدل على زرها والاستفادة من وضعها.
يزر الثوب أبداً، ولعل هذا الصحابي رضي الله عنه رأى هذه الهيئة وأراد أن يفعل تلك الهيئة التي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها؛ لكن ذلك لا يعني أن هذا شأنه، وهذا ديدنه أبداً صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وقد كان السلف يستعملون الأزرار، وهي جمع زر، وفي القاموس: أزرار وزرور، وقد جاء في صحيح مسلم في حديث جابر الطويل في صفة الحج أنه جاء إليه جماعة وفيهم محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وقالوا: حدثنا عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد كبر وعمي رضي الله عنه، فسألهم عن أسمائهم، فكل أخبره باسمه، ولما جاء عند محمد قال له: أنا محمد بن علي بن الحسين فاستثناه وقربه، قال: فوضع يده عليّ وفتح زري الأعلى ثم فتح زري الأسفل ثم أدخل يده ووضعها على صدري ثم حدث بالحديث الطويل.
[عن قرة رضي الله عنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من مزينة فبايعناه وإن قميصه لمطلق الأزرار قال: فبايعته ثم أدخلت يدي في جيب قميصه فمسست الخاتم)].
الخاتم هو خاتم النبوة الذي كان في مؤخر كتفه عليه الصلاة والسلام.
قوله: [(قال عروة: فما رأيت معاوية ولا ابنه قط إلا مطلقي أزرارهما في شتاء ولا حر، ولا يزرران أزرارهما أبداً)].
ابنه ليس معنا في السند، لأن عروة يروي عن معاوية بن قرة عن أبيه.