قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في لبسة الصماء.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين: أن يحتبي الرجل مفضياً بفرجه إلى السماء، ويلبس ثوبه وأحد جانبيه خارج ويلقي ثوبه على عاتقه)].
أورد أبو داود: [باب لبسة الصماء] والصماء هي نوع من اللباس، وفسرت بتفسيرين: الأول: أن يلبس ثوباً واحداً، أي: قطعة واحدة من قماش وليست قميصاً فيلتحف بها ويحكمها على جسده ويداه من الداخل، فيكون كأنه صخرة صماء ليس لها منافذ.
والمحظور في هذه الهيئة هو ما يخشى من انكشاف العورة عندما يأتي أمر يفزعه، أو أنه قد يحتاج إلى إخراج يديه لأمر يقتضيه فلا يتمكن من ذلك.
والتفسير الثاني هو: أن يلبس ثوباً واحداً ويخرج جنبه، معناه: أن يكون أحد كتفيه مكشوفاً والآخر مغطى، فهذا فيه احتمال انكشاف العورة؛ لأن الثوب الواحد ليس مثل الإزار والرداء، فالإزار يحصل به ستر العورة والرداء يمكن أن يضطبع به كما يحصل في الحج ويجعل اليد اليمنى مكشوفة والطرف الثاني قد وضع على الكتف الأيسر، فلا يكون فيه محظور من ناحية العورة؛ ولكن إذا كان الثوب واحداً فهذا هو الذي فيه احتمال أن تنكشف العورة بسببه.
فيكون النهي عن هاتين اللبستين لأن كلاً منهما فيها محظور.
[(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين: أن يحتبي الرجل مفضياً بفرجه إلى السماء)].
وهذه لبسة؛ لأن إحدى اللبستين هي اشتمال الصماء، واللبسة الثانية هي الاحتباء الذي هو على هذه الصورة المذكورة في الحديث، وهي أن الإنسان يجلس فيضع مقعدته على الأرض وينصب ساقيه ثم يلف على ساقيه مع ظهره ثوباً وليس عليه غيره، فيكون أعلاه مكشوفاً بحيث تبدو عورته من فوق، وقد نهي عن هذه الجلسة من هذه الناحية، وأما إذا كان على الإنسان قميص مثلاً وعمل هذا الاحتباء فإن ذلك لا بأس به، وقد مر بنا قريباً، وإنما الممنوع في حق الذي لا يكون عنده إلا ثوب واحد يحتبى به ويكون فرجه مكشوفاًً إلى الأعلى.
[(ويلبس ثوبه وأحد جانبيه خارج)].
يعني: جانبي الإنسان، وليس جانبي الثوب، وهو الاضطباع، إلا أنه ليس عنده إلا ثوب واحد بدون إزار، أما إذا كان معه إزار واضطبع فهذا لا بأس به، وهو بالنسبة للحج في موضع واحد وهو عند الطواف، وإذا كان لباس الناس إزاراً ورداء فسواء اضطبع أو لم يضطبع، فذلك جائز ما دام أن العورة مستورة بالإزار.
[(ويلقي ثوبه على عاتقه)].
يعني: طرف الثوب.