قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الحمرة.
حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن الغاز عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: (هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية فالتفت إلي وعلي ريطة مضرجة بالعصفر فقال: ما هذه الريطة عليك؟! فعرفت ما كره، فأتيت أهلي وهم يسجرون تنوراً لهم فقذفتها فيه ثم أتيته من الغد فقال: يا عبد الله! ما فعلت الريطة؟ فأخبرته.
فقال: ألا كسوتها بعض أهلك؟ فإنه لا بأس به للنساء)].
أورد أبو داود باباً في الحمرة، أي: اللباس الذي لونه أحمر، وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فهبطنا في ثنية، والثنية طريق بين جبلين، فالتفت إلي ورأى علي ريطة مضرجة بالعصفر.
يعني: ملطخة بالعصفر، أي: أنها معصفرة، وقد جاء في بعض الأحاديث النهي عن استعمال المعصفر، وهنا أورد هذا في باب الحمرة، والعصفر لونه أصفر، وفيه من الحمرة، ولعله يكون معه شيء آخر أو أن المحظور هو كونه معصفراً وإن لم يكن معه حمرة؛ لكن الإشكال في كونه أورده في باب الحمرة، فهو إما أن يكون على اعتبار أن فيه شيئاً من الحمرة أو أنه مع كونه معصفراً فيه شيء يعطيه لوناً أحمر، والمعصفر هو في حد ذاته قد جاءت الأحاديث بالنهي عنه، ومنها هذا الحديث.
[قال: (هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية فالتفت إلي وعلي ريطة مضرجة بالعصفر)].
الريطة: ملاءة ليست بلفقتين، وهي: مثل العباءة.
وهذا الحديث يدل على أن المعصفر في حق النساء سائغ وأنه لا بأس به، وإنما المنع في حق الرجال، وعبد الله بن عمرو رضي الله عنه لما رأى من النبي صلى الله عليه وسلم الكراهية لذلك لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يصنع بها، ولكنه عمد فوجد أهله يسجرون تنوراً -يعني: أنهم يوقدونه للخبز فيه- فرماها فيه، يعني: فأحرقها في هذا التنور، فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم: ماذا فعلت الريطة؟ فقال إنه فعل بها كذا وكذا، قال: ألا أعطيتها بعض أهلك؛ فإنه لا بأس بها للنساء! فدل هذا على أن من اللباس ما يصلح للنساء ولا يصلح للرجال، وأن الإنسان إذا وصل إليه شيء لا يصلح له فإنه يعطيه لمن يصلح له كالنساء مثلاً، ومن ذلك الحرير والمعصفر كما جاء في هذا الحديث.