قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن قدامة حدثنا جرير ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة؛ جميعاً عن منصور عن سالم بن أبي الجعد -قال ابن المثنى: عن أبي المليح - قال: دخل نسوة من أهل الشام على عائشة رضي الله عنها فقالت: ممن أنتن؟ قلن: من أهل الشام، قالت: لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمامات؟ قلن: نعم، قالت: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى)].
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أنه جاء إليها نسوة من الشام وقالت: (لعلكن من الكورة) أي: المدينة أو البلدة، (التي تدخل نساؤها الحمامات؟ قلن: نعم) ثم ذكرت الحديث: (ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت ما بينها وبين الله عز وجل) أي: أن هذا حرام وأنه لا يسوغ، وهذا يطابق ما جاء من النهي عن دخول الحمامات للنساء.
والحديث صحيح، ويستدل به في النهي عن دخول النساء الحمامات.
قوله: (ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها) يشمل الحمامات وغيرها، حتى لو خلعتها في أماكن أخرى، لكن -كما هو معلوم- إذا كان الخلع في بيت سكنته مع أهلها أو كانوا في مكان وهم مسافرون واستأجروا شقة أو ما شابه ذلك؛ فهذا يعتبر بيتهم، وكذلك إذا كانت في بيت أهلها وخلعته للحاجة -كالاستحمام مثلاً- فلا بأس.
والمنهي عنه هو خلعها ثيابها خلعاً يسبب فتنة، فهذا لا يجوز حتى أمام الأب أو الأم، ولا يجوز لها أن تظهر شيئاً من مفاتنها، لا بخلع الثياب ولا بخلع شيء من الثياب يؤدي إلى إظهار المفاتن والزينة؛ لأن هذا من خصائص الزوج، ولا يجوز إظهار المرأة مفاتنها إلا عند الزوج.