قوله في الحديث: [(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه)]، يعني: عندما يدعو لغيره يبدأ بنفسه، وقد جاء في القرآن في قصة نوح: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} [نوح:28]، فبدأ بنفسه عليه الصلاة والسلام.
وقال: (رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر) , وقال في حديث آخر: (فإن لو تفتح عمل الشيطان)، فكيف يجمع بينهما؟ نقول: لو هذه تفتح عمل الشيطان إذا كانت فيما يتعلق في الاعتراض على القدر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذه الجملة تابعة لكلام؛ وذلك في حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم في صحيحه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء الله فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) فهذه قالها فيما يتعلق بالقدر، مثلما لو قال: لو أنني ما سافرت ما حصلت لي هذه المشكلة وهذا الحادث, لو أني ما دخلت في هذه التجارة ما خسرت، وهكذا.
فلا يعلم الغيب إلا الله، ولكن الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ليس من هذا القبيل؛ لأن هذه قصص عجيبة وغريبة وعنده مثلها، ولو أن موسى صبر لرأى عجباً كما رأى في هذه الأمور العجب.
وأما الذي فيه لو تفتح عمل الشيطان فهو من قبيل: (لو أني فعلت لكان كذا وكذا) يعني: شيء حصل له فتألم منه وتأثر، وقال: (لو أني فعلت لكان كذا وكذا).