قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: بول الصبي يصيب الثوب.
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أم قيس بنت محصن رضي الله عنها: (أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره، فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله)].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله: [باب في بول الصبي يصيب الثوب] يعني: ماذا يصنع فيه؟ وكيف يتم تطهيره من هذا البول الذي وقع عليه؟ وحكم بول الصبي حين يقع على الإنسان أنه يطهر بالرش وبالنضح، ولا يحتاج إلى أن يغسل كما تغسل النجاسات؛ فإنه جاء التخفيف في إزالة هذه النجاسة، وقد جاء في عدة أحاديث، منها حديث أم قيس بنت محصن الأسدية رضي الله تعالى عنها: (أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم في حجره فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله) أي أنه رشه رشاً ولم يغسله غسلاً، وهذا فيه تخفيف على الناس في التطهر من بول الغلام، وأنه يكون بهذا الوصف الذي هو الرش والنضح، ولا يلزم فيه أن يغسل وأن يدلك ويعصر كما يفعل بالنجاسات الأخرى، وكما يكون في بول الجارية الصغيرة، فإنها تختلف عن الصبي في ذلك الحكم، كما سيأتي في الأحاديث: (أنه يرش من بول الغلام ويغسل بول الجارية).
وهذه المسألة من المسائل التي يفترق الذكور والإناث فيها، والأصل هو التساوي في الأحكام بين الذكور والإناث إلا فيما جاءت به الشريعة من التفريق بين الذكور والإناث، فإنه عند ذلك يصار إلى التفريق الذي جاء في بعض المسائل، ومن ذلك هذه المسألة، وهي تطهير بول الصبي والصبية، فإن الصبي يرش بوله والصبية يغسل بولها.
ولقد ذكرت جملة من الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى من المسائل التي يفترق فيها الذكور والإناث، ولم أعز هذه المسألة إلى كتاب، وهي المسألة الوحيدة التي لم تعز، وذلك لأنها مسائل مجمعة فيما يتعلق في الفرق بين الذكور والإناث، وليست مأخوذة من كتاب معين، ولكنني جمعتها في أوقات مختلفة وفي مناسبات مختلفة، فجمعت بعضها إلى بعض وأودعتها في ذلك الكتاب غير معزوة إلى كتاب، بخلاف المسائل الأخرى، وهي مسائل عديدة يختلف فيها الرجال عن النساء، أو يختلف فيها الذكور عن الإناث.