قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في النجوم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومسدد المعنى، قالا: حدثنا يحيى عن عبيد الله بن الأخنس عن الوليد بن عبد الله عن يوسف بن ماهك عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد)].
أورد أبو داود باب في النجوم، أي: في تعلم التنجيم، وعلم التنجيم حرام، ويكون كفراً وشركاً إذا اعتقد أن النجوم لها تأثير في المخلوقات وأنها فاعلة، وأما إذا أريد بعلم النجوم: معرفة الأوقات، ومعرفة الجهات كجهة القبلة، ومعرفة جهة السير في الليل؛ فإن هذا لا مانع منه، ولا بأس به، قال الله عز وجل: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل:16]، وقال: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأنعام:97]، والناس يستدلون بالنجوم على جهات السير، وعلى جهة القبلة, وإذا حصل لهم أن ضاعوا في أسفارهم نظروا في مطالع النجوم ومغاربها، ونظروا إلى النجوم الثابتة التي تكون مستقرة، فيعرفون بذلك جهة القبلة، ويهتدون إلى جهة السير، وكذلك يعرفون الشمال من الجنوب والشرق من الغرب بالنجوم، فإن النجوم تطلع من الشرق، وتغرب في الغرب، ويعرف بذلك أيضاً الشمال والجنوب، فهذا تعلمه لا بأس به، وإنما المحذور تعلم العلم الذي فيه اعتقاد أن الكواكب والنجوم تؤثر في الكون، فهذا هو الأمر المحرم.
وأورد المصنف حديث ابن عباس: (من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد)، وهذا في علم النجوم المذموم، وكما أن السحر مذموم، فهذا أيضاً مذموم.
قوله: (زاد ما زاد) يعني: كلما زاد من هذا التعلم فإنه يزيد السحر.