قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الرخصة في ذلك.
حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق الشيباني، سمعه من عبد الله بن شداد يحدثه عن ميمونة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وعليه مرط، وعلى بعض أزواجه منه وهي حائض، وهو يصلي وهو عليه)].
أورد أبو داود رحمه الله [باب: في الرخصة في ذلك].
يعني: في جواز الصلاة في شُعُر النساء؛ لأن ذلك يرجع إلى الترجمة السابقة، وهي الصلاة في شعر النساء، وأورد حديثين في الترجمة السابقة في أنه كان لا يصلي فيها، ثم أورد أحاديث في هذه الترجمة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي في الشيء الذي يمس جسد المرأة وهي حائض، فأورد فيه حديث ميمونة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وعليه مرط) والمرط هو ثوب يكون للرجل ويكون للمرأة.
وقولها: (وعلى بعض أزواجه منه وهي حائض، وهو يصلي وهو عليه) معناه أنه إذا سجد يكون على جسدها وهي حائض شيء من ذلك الثوب الذي يصلي فيه، فهذا يدل على أن الشيء إذا علم أنه لا نجاسة فيه فإنه يصلى فيه حتى ولو وقع ذلك الثوب على جسد المرأة الحائض؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يقع جزء من المرط الذي يصلي فيه على جسد امرأته وهي حائض، فدل على أن ملامسة الثياب لجسد المرأة وهي حائض لا يؤثر؛ لأنها طاهرة، والحيضة في فرجها وليست في يدها وليست في جسدها، فغير مكان النجاسة طاهر، إلا إذا وقع عليه نجاسة، وإلا فالأصل طهارته، ولهذا سبق أن مر في أحاديث المضاجعة والمخالطة والمباشرة للحائض أن ذلك لا يضر، فكونه يتصل جسده بجسدها لا مانع منه، وإنما الممنوع هو الجماع للحائض في فرجها، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح).
فكونه صلى الله عليه وسلم يصلي في ذلك الثوب ومنه جزء على جسد المرأة وهي بجواره فهذا يدل على أن الممنوع ما إذا كان هناك نجاسة في الثوب الذي يكون على جسد المرأة، سواء أكان شعاراً أم لحافاً، وأنه إذا لم يكن فيه نجاسة فإنه يكون طاهراً ويصلى فيه.