معنى اليسر في قوله صلى الله عليه وسلم (إن هذا الدين يسر)

Q يقول شخص: أشكل علي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)، وسيرة كثير من السلف في الاجتهاد في العبادة، وحمل النفس على تحمل المشاق أمر معروف، فما المقصود باليسر في هذا الحديث؟

صلى الله عليه وسلم الذي ينبغي للإنسان ألا يتنطع وألا يتكلف ويأتي بأشياء فيها صعوبة ومشقة، فالله تعالى يسر على الناس فيما شرع، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (عليكم من العمل بما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل)، فكون الإنسان يكثر من العبادة ويأتي بشيء يجلب له المشقة والمضرة فقد يترتب على ذلك أنه يترك هذه العبادة.

إذاً: فهذا لا يصح ولا ينبغي؛ لأن أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل، وكما يقولون: قليل تداوم عليه خير من كثير تنقطع عنه.

وهذا بشر الحافي قيل له: إن أناساً يجتهدون في رمضان ويكثرون من العبادة، فإذا خرج رمضان تركوا، قال: بئس القوم؛ لا يعرفون الله إلا في رمضان.

فكون الإنسان يجهد نفسه في عمل ويزيد فيه، ثم يتسبب ذلك في الانقطاع والترك فهذا ليس بجيد، فالذي ينبغي للإنسان أن يحافظ على الشيء القليل ويستمر عليه، وهو خير من كثير ينقطع عنه؛ لأن الإنسان إذا داوم على عمل قليل فأي وقت يأتيه الأجل فإنه يكون مداوماً على العبادة ولو كانت قليلة، بخلاف الإنسان الذي يجتهد في بعض الأوقات ويهمل فقد يأتيه الموت في وقت الإهمال، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (وإن أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل).

وأما ما جاء عن بعض السلف من الاجتهاد في العبادة، ومن التعب ومن النصب، فإن منهم من أضر بنفسه، أو أضر بأمور أخرى مطلوبة منه، أو تعب وانقطع وترك ذلك الشيء الذي اشتغل فيه؛ بسبب أنه أجهد نفسه، فالذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم هو فعل القليل مع المداومة عليه، وهو خير من فعل الكثير مع الانقطاع عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015