قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن عون أخبرنا خالد عن حصين عن زيد بن وهب عن ثابت بن وديعة رضي الله عنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في جيش فأصبنا ضباباً، قال: فشويت منها ضباً، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فوضعته بين يديه قال: فأخذ عوداً فعد به أصابعه، ثم قال: إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواباً في الأرض، وإني لا أدري أي الدواب هي، قال: فلم يأكل ولم ينه)].
أورد أبو داود حديث ثابت بن وديعة رضي الله تعالى عنه: أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جيش، في سفر، فأصابوا ضباباً وصادوها، فشوى ضباً منها، وقدمه للنبي صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخذ عوداً وجعل يعد أصابع الضب، فقال: [(إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواباً، ولا أدري من أي الدواب هي، فلم يأكل ولم ينه)].
أي: لم يأكله ولم ينه عن أكله صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنهم اصطادوها، وصيدهم إياها يدل على أنها مباحة وأنها ليست بحرام، وفي الأحاديث التي مرت عن خالد بن الوليد دلالة على أنها مباحة وأنها ليست بحرام، وأنها أكلت بين يديه صلى الله عليه وسلم، وهو لا يقر على باطل ولا على حرام صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [(إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواباً فلا أدري من أي الدواب هي)]، هذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل أن يعلم بأن الذين مسخوا لا يكون لهم نسل، فقد ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لم يجعل لأمة مسخت نسلاً)، ومعنى هذا أن الأمة التي تمسخ تموت دون أن تتناسل، وعلى هذا فإن هذه الدواب وهذه الحيوانات لا يقال: إنها نتيجة مسخ سابق، وإنها متناسلة ممن مسخ سابقاً؛ لأنه ثبت في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لم يجعل لأمة مسخت نسلاً)، وعلى هذا فقوله هنا: [(فلا أدري من أي الدواب هي)] يدل على أنه قاله قبل أن يوحى إليه أن الأمم التي تمسخ تموت وتنقرض دون أن يكون لها نسل.