قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في كراهية التقذر للطعام.
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا سماك بن حرب حدثني قبيصة بن هلب عن أبيه رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسأله رجل فقال: إن من الطعام طعاماً أتحرج منه فقال: لا يتحلجنَّ في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية)] قال المصنف رحمه الله: [باب في كراهية التقذر للطعام] يعني: كون المرء يقذر بعض الأطعمة أو يتقذر منها أو يتحرج منها، وهي مما أحل الله، وذلك إذا كانت النفس لا تعافها، أما إذا كانت النفس تعاف ذلك، فقد قال عز وجل: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286]، فلا يلزم الإنسان يأكل الشيء الذي يكرهه ولا تميل إليه نفسه؛ لأن من الناس من إذا أكل شيئاً لا تريده نفسه يتقيأ؛ لأنه لا يرتاح له، فليس كل طعام تشتهيه النفوس وترغب فيه؛ لأن النفوس متفاوتة، وقد مر بنا وكذلك سيأتي أن الرسول صلى الله عليه وسلم عافت نفسه أكل الضب، وأكله خالد بن الوليد رضي الله عنه بين يديه؛ لكن الذي أورده أبو داود ليس من قبيل أن النفس تعافه، أو لا تقبله.
أورد أبو داود حديث هلب الطائي رضي الله عنه قال: [(سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسأله رجل فقال: إن من الطعام طعاماً أتحرج منه)] يعني: كونه من المباح والحلال.
فقال: [(لا يتحلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية)] يعني: لا يكون في نفسك ضيق أو حرج منه؛ لأنك إن فعلت ذلك ضارعت فيه النصرانية وشابهتهم وما ثلتهم في تشددهم وفي تعنتهم، وكما قال الله عز وجل: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} [الحديد:27].