قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في نبيذ البسر.
حدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن جابر بن زيد وعكرمة: (أنهما كانا يكرهان البسر وحده ويأخذان ذلك عن ابن عباس، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أخشى أن يكون المزاء الذي نهيت عنه عبد القيس.
فقلت لـ قتادة: ما المزاء؟ قال: النبيذ في الحنتم والمزفت)].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في نبيذ البسر، ونبيذ البسر هو كغيره من النبيذ، في كونه ينبذ ويصل إلى حد الإسكار، وإذا وصل إلى حد الإسكار فإنه لا يجوز، وإذا شرب قبل أن يسكر فإنه سائغ ما دام نوعاً واحداً ليس معه غيره، وقد جاء في هذا الإسناد من كراهيته عن ابن عباس وقوله: أخشى أن يكون المزاء، وفسر قتادة المزاء بأنه النبيذ في الحنتم والمزفت، لكن سبق أن مر بنا أن هذا كان منهياً عنه في أول الأمر، وأن الانتباذ في الأوعية الغليظة كان ممنوعاً ثم رخص فيه بشرط ألا يشرب الناس مسكراً، وابن عباس رضي الله عنه لم يجزم بالتحريم، وإنما قال: أخشى أن يكون المزاء الذي نهيت عنه عبد القيس، يعني: النبيذ في المزفت والحنتم، ومعلوم أن الذي نهيت عنه عبد القيس أبيح أخيراً، وعلى هذا فالبسر كغيره لا فرق بينه وبين غيره، فإذا انتبذ ولم يصل إلى حد الإسكار فإنه يدخل تحت قوله: (انتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً).