قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هناد بن السري حدثنا عبدة عن محمد -يعني: ابن إسحاق - عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن ديلم الحميري رضي الله عنه قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله! إنا بأرض باردة نعالج فيها عملاً شديداً، وإنا نتخذ شراباً من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا، قال: هل يسكر؟ قلت: نعم، قال: فاجتنبوه، قال: قلت: فإن الناس غير تاركيه، قال: فإن لم يتركوه فقاتلوهم)].
أورد أبو داود حديث ديلم الحميري رضي الله عنه: (أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنا نتخذ شراباً من القمح نتقوى به على أعمالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيسكر؟ فقال: نعم, قال: اجتنبوه، قال: إنهم غير تاركيه -يعني: إنهم قد اعتادوه وألفوه- فقال: إن لم يتركوه فقاتلوهم).
سأله صلى الله عليه وسلم عن الإسكار لأن الحكم يتعلق به، أما إذا كان لا يسكر فلا بأس؛ لأن المحذور هو كونه يسكر، فقال: (إنه يسكر).
فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوه)، أي: مادام يسكر فإنه يجتنب؛ لأن الخمر يجب اجتنابها والابتعاد عنها.
فقال: (إنهم غير تاركيه) يعني: أنهم قد ألفوه فقال عليه الصلاة والسلام: (إن لم يتركوه فقاتلوهم) يعني: إن امتنعوا وأصروا على أنهم يشربونه فإنهم يقاتلون حتى يتركوه يعني: إذا حصل منهم مقاتلة قوتلوا، لكن إن لم تحصل منهم مقاتلة فإنها تقام عليهم الحدود، فمن حصل منه الشرب أقيم عليه الحد.
فإذا هم قاتلوا بمعنى أنهم وقفوا أمام الجهات المسئولة فإنهم يقاتلون، لكن إذا لم يحصل منهم قتال فإن الذي يحصل منه الشرب يحد.
وسكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول ديلم: إنه يقويهم على أعمالهم، دليل على أن هذه الخمر فيها فائدة، والله تعالى يقول: {فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة:219].