قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ حدثني أبي عن قتادة عن أبي حسان عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال (كان نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم يحدثنا عن بني إسرائيل حتى يصبح ما يقوم إلا إلى عظم صلاة)].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدثهم عن بني إسرائيل) ومعلوم أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن بني إسرائيل هو إخبار منه صلى الله عليه وسلم، فإذا ثبت هذا الخبر عن بني إسرائيل بإسناد صحيح متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يصدق هذا الخبر، ويعتبر هذا الخبر صدقاً ما دام ثابتاً عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأما إذا لم يكن ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يصدق ولا يكذب، وقد سبق أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا حدثكم أهل الكتاب بشيء فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم (وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} [العنكبوت:46]) إلا أن يكون ذلك الحديث الذي جاء عن بني إسرائيل باطلاً كأشياء تضاف إلى الأنبياء لا تليق بهم، فهذه لا يتردد في تكذيبها، بل الواجب هو المبادرة إلى تكذيبها وعدم تصديقها.
وقوله: (كان يحدثنا عن بني إسرائيل حتى يصبح) لعل هذا حصل في بعض الليالي، ومعلوم أن هذا كان بعد صلاة الليل، وليس معنى ذلك أنه يكون من أول الليل إلى آخره، وأنه يشغل بذلك عن صلاة الليل، فقد كان صلى الله عليه وسلم مداوماً عليها، وكان صلى الله عليه وسلم يصلي من أول الليل ومن وسطه ومن آخره حتى انتهى وتره صلوات الله وسلامه وبركاته عليه إلى السحر، ومعنى ذلك: أن هذا كان في بعض الأحيان وليس دائماً وأبداً.
وقوله: (وما يقوم إلا إلى عظم صلاة) يعني: إلى صلاة فريضة.
وقوله: (حتى يصبح) معناه: أنه يقوم إلى صلاة الفجر.