شرح حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الغلوطات)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التوقي في الفتيا.

حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي حدثنا عيسى عن الأوزاعي عن عبد الله بن سعد عن الصنابحي عن معاوية رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن الغلوطات)].

أورد أبو داود باب التوقي في الفتيا، والمقصود بالتوقي: التأني والتثبت وعدم التسرع في الفتوى، وإنما يكون هناك حذر وخوف من الزلل ومن الخطأ، ولا بد أن تكون الفتوى مبنية على تأمل وعلى معرفة الأخبار، فمن حصل له أمر من الأمور فإنه يحتاج إلى معرفة حكمه فإن ذلك المسئول عنه يتوقف عن الفتوى حتى يستفصل بحيث يكون جوابه مبنياً على علم، ثم أيضاً الأسئلة والاستفتاءات المناسب أن تكون مبنية على وقوع الشيء وأن الإنسان بحاجة إلى معرفة الحكم ليطبق حكم الله وليؤدي ما هو واجب عليه في ذلك الأمر الذي حدث له والأمر الذي وقع له، وأن يريد معرفة حكمه.

وأورد أبو داود حديث معاوية رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الغلوطات) وفسرت الغلوطات بأنها دقاق المسائل، وقد يكون السؤال تعنتاً وقد يكون من أجل أن يحصل من المسئول شيء يعاب عليه، وأن يحصل منه جواب غير سديد فيكون ذلك سبباً في مذمته والنيل منه، فالأسئلة لا بد أن تكون في أمور واقعة، أو في أمور يحتاج الناس إليها، أما الافتراضات والأشياء التي لا تقع والسؤال عنها لو وقعت وكان كذا وكذا فما الحكم؟ وهي واقعة الندور أو ما إلى ذلك؛ فهذه هي التي عنيت بهذا الحديث.

والحديث ضعيف؛ لأن في إسناده من هو متكلم فيه.

ولكن معناه صحيح من ناحية أنه منهي عن السؤال تكلفاً، ومن الأشياء التي فيها تكلف وسئل عنها صلى الله عليه وسلم وغضب ما جاء في قصة الرجل الذي سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله كتب عليكم الحج فحجوا.

فقال: الرجل أفي كل عام يا رسول الله؟!) يعني: هل يجب علينا أن نحج كل سنة؟ وهذا صعب إذ كيف يستطيع الناس أن يحجوا كل سنة؟ والآن الناس يأتي منهم عدد قليل من كل بلد فتمتلئ الأرض، فكيف لو كان الناس كلهم يحجون وكل من كان قادراً يجب عليه أن يأتي كل عام؟! فهذا فيه صعوبة وفيه مشقة وفيه مضرة، فإن الحج الواجب هو مرة وما زاد فهو تطوع، ومثل هذا السؤال هو من الأسئلة التي لا يسأل عنها، وقد جاء في القرآن قول الله عز وجل: (لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة:101].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015