قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في سرد الحديث.
حدثنا محمد بن منصور الطوسي حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة قال: جلس أبو هريرة رضي الله عنه إلى جنب حجرة عائشة رضي الله عنها وهي تصلي، فجعل يقول: اسمعي يا ربة الحجرة مرتين! فلما قضت صلاتها قالت: (ألا تعجب إلى هذا وحديثه! إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدث الحديث لو شاء العاد أن يحصيه أحصاه)].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في سرد الحديث.
يعني: الإتيان به متتابعاً بسرعة، هذا هو السرد: أن يؤتى بالحديث بسرعة، يعني: أن الكلام يكون متتابعاً والرسول صلى الله عليه وسلم كان يأتي به متأنياً، كما جاء عن عائشة في هذا الحديث أنه كان يأتي بالحديث لو شاء العاد أن يحصيه لأحصاه.
يعني: أنه كان يأتي به متأنياً صلوات الله وسلامه عليه وليس مسروداً، وعائشة رضي الله عنها وأرضاها في هذا الحديث لما جاء أبو هريرة وجلس عند حجرتها وكان يسرد الحديث قالت: (ألا تعجب إلى هذا وحديثه) يعني: في سرده وسرعة سرده، ثم قالت: (إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليحدث الحديث لو شاء العاد أن يحصيه أحصاه) يعني: أن كلامه لم يكن مسروداً وإنما فيه تأنٍ.
قوله: [(جلس أبو هريرة إلى جنب حجرة عائشة رضي الله عنها وهي تصلي فجعل يقول: اسمعي يا ربة الحجرة! مرتين)] الذي يبدو أن المراد أنه جاء لحاجة، وليس المقصود أنه جاء ليحدث عند حجرتها، ولكن يمكن أنه جاء لحاجة وجعل ينتظرها وهي تصلي، ثم لعله كان يأتي إليه ناس ويحدثهم عند حجرتها فكان يسرد الحديث فأنكرت هذا عليه.
وليس في الحديث ذم من عائشة لـ أبي هريرة رضي الله عنهما، وإنما فيه بيان أن فعله خلاف الأولى.