هناك من يقول: إن أغلب الآيات معناها واضح؛ لأننا عرب ونعرف ما نقرأ، وأقول: إن الشيء الواضح لا يحتاج إلى تفسير، ولا يحتاج إلى بيان، وكما قال ابن عباس: التفسير على أوجه متعددة: منها كلام تعرفه العرب بلغاتها، يعني: أي إنسان يفهم معناه؛ لأنه يستوي فيه الناس، وشيء لا يعرفه إلا الراسخون في العلم، فمثل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} [الكهف:107] هذا كلام مفهوم، وكل يعرف أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يكونون في الجنة.
لكن مثل الآيات التي فيها خفاء كقوله تعالى: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} [المائدة:106] التي قال بعض أهل العلم: إن هذه الآية من أخفى ما في القرآن من حيث الحكم، ومن حيث المعنى، ومن حيث الإعراب، ومن حيث السياق؛ فمثل هذا لا يعرفه إلا الراسخون في العلم.