قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الكلام في كتاب الله بغير علم.
حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى حدثنا يعقوب بن إسحاق المقرئ الحضرمي حدثنا سهيل بن مهران أخي حزم القطعي حدثنا أبو عمران عن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال في كتاب الله عز وجل برأيه فأصاب فقد أخطأ)].
أورد أبو داود هذه الترجمة باب الكلام في كتاب الله عز وجل بغير علم، يعني: كونه يتكلم في معانيه بغير علم، يعني: برأيه دون أن يكون راجعاً في ذلك إلى كلام الصحابة وكلام التابعين، وكلام أئمة اللغة في بيان المعاني من حيث اللغة العربية، فإن الإنسان إذا تكلم برأيه دون أن يكون بانياً تكلمه على أساس من معرفة تفسير القرآن بالقرآن وتفسيره بالحديث، وبأقوال الصحابة والتابعين وبمعرفة اللغة، وبمقاصد الكلام، والعربية وما إلى ذلك؛ فإنه يكون بذلك متكلماً برأيه، ويكون آثماً، وحتى لو أصاب فإنه يكون مخطئاً؛ لأن إصابته مع عدم العلم بمثابة الرمية من غير رامٍ، فإن الإنسان الذي يطلق الرمية فتصيد صيداً غير مقصود، يقال لهذه الرمية: رمية من غير رامٍ، ويشبه هذا ما سبق أن مر في أول كتاب القضاء أن القضاة ثلاثة: واحد في الجنة واثنان في النار، وأحد الاثنين هو الذي قضى بجهل، يعني: أن قضاءه كان بجهل وليس بعلم، ومن كان كذلك فإنه يكون آثماً ولو أصاب؛ لأن إصابته للحق جاءت اتفاقاً ولم تكن قصداً، على حد قول القائل: رمية من غير رامٍ.
وأورد أبو داود حديث جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) يعني: أنه حتى ولو أصاب فإنه يعتبر مخطئاً، وإذا كان مخطئاً فالأمر أشد وأعظم، يعني: أنه إذا أصاب فالأمر أخف، ولكنه آثم؛ لأن هذه الإصابة جاءت اتفاقاً، وإن كان خطأً فالأمر أخطر وأشد.