قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الحبس في الدين وغيره.
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا عبد الله بن المبارك عن وبر بن أبي دليلة عن محمد بن ميمون عن عمرو بن الشريد عن أبيه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته) قال ابن المبارك: يحل عرضه: يغلظ له، وعقوبته: يحبس له].
يقول المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الحبس في الدين وغيره] المقصود الحبس في الدين في حق الواجد الميسر الذي يماطل، فإنه يحبس حتى يقوم بالوفاء؛ لأنه قادر على ذلك، وهو ظالم في مطله، وقد جاء في الحديث: (مطل الغني ظلم) فيحبس من أجل أنه ظالم، أما من كان فقيراً معدماً فإنه لا يحبس، وإنما ينظر إلى ميسرة، كما قال الله عز وجل: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة:280].
أورد أبو داود حديث الشريد بن سويد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(لي الواجد يحل عرضه وعقوبته)] يعني: الواجد هو الموسر الذي يجد الوفاء والسداد.
قوله: [(لي الواجد)] هذا يدل على كونه يحبس، وكونه يغلظ له بالقول، لكونه قادراً وموسراً، وإذا كان معدماً فقيراً، فإنه لا يحبس ولا يستحق الحبس، وإنما الذي يستحقه من كان قادراً ولم يقم بوفاء ما وجب عليه.
والحديث يدل على العقوبة، ويدخل فيها السجن، أو تفسر بالسجن، ولهذا فسر عبد الله بن المبارك هاتين الكلمتين بقوله: [يحل عرضه: يغلظ له بالقول] يعني يتكلم في حقه كأن يقال له: إنك ظالم وغير ذلك، وهذا من الأمور التي يجوز فيها الكلام في الشخص في أمر يكرهه، ولا يعتبر من الغيبة المحرمة، وإنما هو سائغ ويحل عرضه بأن يقول: مطلني حقي وظلمني.
قوله: [وعقوبته] بأن يحبس من أجل الدين الذي عليه حتى يقوم بالسداد؛ لأنه إذا أحس بالعقوبة عند ذلك يترك المماطلة ويقوم بسداد الدين الذي عليه.