قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، عن مالك، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)].
أورد المصنف رحمه الله قول النبي صلى الله عليه وسلم: (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم) الذين قالوا بوجوب غسل الجمعة استدلوا بهذا الحديث، بالإضافة إلى الأوامر التي وردت في الحديث السابق: (فليغتسل) وقال الجمهور: إن هذا كغيره مصروف عن الوجوب بالأحاديث الأخرى التي وردت في ذلك، والوجوب هنا متأكد، لكن قالوا: هو نظير ما يقول الإنسان لصاحبه: حقك واجب علي، أي: أنه متأكد علي.
والمحتلم هو البالغ المكلف، وعبر بالاحتلام؛ لأن الاحتلام إذا وجد حصل البلوغ؛ سواء بلغ خمس عشرة سنة أو لم يبلغ؛ لأن الاحتلام إذا وجد فقد وجد البلوغ ولو كان في سن مبكرة دون الخامسة عشرة، لكن إذا لم يحصل احتلام وبلغ الخامسة عشرة، فإنه يكون قد بلغ وإن لم يحصل منه احتلام، لكن حيث يوجد الاحتلام قبل الخامسة عشرة أو الحيض بالنسبة للمرأة قبل الخامسة عشرة يحصل بذلك البلوغ.
ويذكر أن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه قد ولد له ابنه عبد الله وعمره ثلاث عشرة سنة، معناه أنه قد بلغ في زمن مبكر وتزوج وولد له وعمره ثلاث عشرة سنة.
وكذلك قالوا عن المغيرة بن مقسم الضبي الكوفي: إنه احتلم وعمره ثلاث عشرة سنة أو اثنا عشرة سنة.
وكذلك ذكر عن الشافعي أنه رأى جدة عمرها واحد وعشرون سنة، يعني: بنتها ولدت وعمرها هي ليس بنتها واحد وعشرون سنة، ومعنى ذلك أنه حصل احتلام الواحدة منهن في سن العاشرة.
إذاً قوله: (على كل محتلم) أي: أن الاحتلام دليل على البلوغ، ويحصل به البلوغ وإن لم يبلغ خمس عشرة سنة.