قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الصلح.
حدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب أخبرني سليمان بن بلال ح وحدثنا أحمد بن عبد الواحد الدمشقي حدثنا مروان -يعني ابن محمد - حدثنا سليمان بن بلال أو عبد العزيز بن محمد شك الشيخ عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الصلح جائز بين المسلمين)، زاد أحمد: (إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً).
وزاد سليمان بن داود: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (المسلمون على شروطهم)].
أورد أبو داود باباً في الصلح، والصلح يكون في أمور كثيرة، يكون بين الزوجين، ويكون بين المسلمين والكفار، ويكون في الخصومات بين الناس، والذي يأتي في المعاملات هو الذي يتعلق بالخصومات بين الناس.
والصلح: هو أن يرضى الطرفان ويتفقا على إنهاء الخصومة فيما بينهما دون أن يكون هناك قضاء ملزم؛ لأن القضاء إلزام لأحد الطرفين، والحكم لواحد على الآخر، وأما الصلح فهو اتفاق فيما بينهما بحيث يكون الخصمان مطمئنين إلى هذا الذي وافقا عليه، أما إذا كان في المسألة حكم وبت في القضية، فأحد الخصمين يكون مستحقاً والآخر ليس له شيء.
إذاً: الصلح يكون بالتراضي وبالاتفاق فيما بين الطرفين، والحق لا يعدوهما، فلهما أن يتصالحا بدون أن يصل الأمر إلى القاضي، وإذا ذهبا إلى القاضي ورأى الإصلاح بينهما، واتفقا على الإصلاح فلا بأس بذلك، ولكن لو أصر أحدهما على الحكم فإن على القاضي أن يحكم، ولا يلزمهما الصلح إذا لم يتفقا عليه.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة: (الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً) فإذا كان الصلح على أمر محرم وعلى أمر غير سائغ ويترتب عليه محظور فلا يجوز، وإنما يجوز في أمور سائغة، وفي شيء لا محظور فيه ولا مانع منه.
قوله: [(المسلمون على شروطهم)].
يعني: إذا كانت تلك الشروط مطابقة للكتاب وللسنة، أما إذا كانت تلك الشروط باطلة ومخالفة للحق فإنه لا عبرة بها ولا قيمة لها.