قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف القضاء.
حدثنا عمرو بن عون أخبرنا شريك عن سماك عن حنش عن علي قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن قاضياً، فقلت: يا رسول الله! ترسلني وأنا حديث السن، ولا علم لي بالقضاء؟ فقال: إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء.
قال: فما زلت قاضياً، أو ما شككت في قضاء بعد)].
أورد أبو داود باب كيف القضاء.
يعني: كيف يقضي الإنسان؟ والمقصود من ذلك أنه يسمع ما عند الخصمين؛ فيسمع من المدعي ثم يسمع من المدعى عليه؛ لأن المدعي هو الذي يبدأ بالكلام ثم المدعى عليه، وبهذه الكيفية يتبين الحكم ويتضح، أما أن يأخذ من واحد دون الثاني أو يسمع كلام واحد دون الثاني فهذه طريقة غير صحيحة؛ لأنه لابد من الأمرين، ولهذا علي رضي الله عنه قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضياً، فقلت: يا رسول الله! ترسلني وأنا حديث السن، ولا علم لي بالقضاء؟ فقال: إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان).
هذا هو محل الشاهد من الترجمة، يعني: إذا جلس بين يديك الخصمان للقضاء فاسمع من هذا واسمع من هذا.
قوله: [(فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول؛ فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء)].
يعني: فإنه أحرى أن يتبين لك وجه الحكم بينهما، أما إذا أخذت كلام المدعي ولم تنظر في كلام المدعى عليه تكون أخطأت وقصرت ولم تأت بالذي هو واجب عليك، وهذا فيه بيان الشاهد لما ترجم له المصنف من كيفية القضاء، وهو أن القاضي في طريقته في الحكم بين الناس عليه أن يسمع من هذا ومن هذا.
قوله: [(قال: فما زلت قاضياً، أو ما شككت في قضاء بعد)].
وهذا يدل على فضيلة علي رضي الله عنه وأرضاه، كونه صلى الله عليه وسلم دعا له، وكونه سدد ووفق وأنه ما شك في قضاء قضاه رضي الله تعالى عنه وأرضاه.