قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في طلب القضاء والتسرع إليه.
حدثنا محمد بن العلاء ومحمد بن المثنى قالا: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن رجاء الأنصاري عن عبد الرحمن بن بشر الأنصاري الأزرق قال: (دخل رجلان من أبواب كندة وأبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه جالس في حلقة فقالا: ألا رجل ينفذ بيننا؟ فقال رجل من الحلقة: أنا، فأخذ أبو مسعود كفاً من حصى فرماه به وقال: مه؛ إنه كان يكره التسرع إلى الحكم)].
أورد أبو داود باباً في طلب القضاء والتسرع إليه.
يعني: أن المبادرة إلى الحكم بين الناس أو الحرص على التقدم فيه وأنه هو الذي يتولاه ويسبق إليه، فهذا غير سائغ، والإنسان لا يستعجل حتى في الفتوى التي هي دون القضاء، وقد كان السلف كل واحد منهم يحيل على الثاني، ويتمنى أن غيره يتولى المهمة دونه، فالتسرع في الأحكام والتسرع في الفتوى والمبادرة إلى ذلك وكونه يسبق غيره في هذا، هذا مذموم وليس بمحمود.
وأورد أبو داود حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله تعالى عنه: (أنه كان في مجلس، وأنه جاء رجلان وقالا: من يحكم بيننا؟ فبادر رجل وقال: أنا، فأنكر عليه أبو مسعود وقال: مه، إنه كان يكره التسرع إلى الحكم).
والحديث ضعيف؛ لأن في إسناده من هو متكلم فيه، ولكن معناه صحيح، من ناحية كراهة كون الإنسان يبادر ويحرص أو يريد أن يتقدم على غيره، فمثل هذه الأمور إذا وجد من يكفي ومن يتحمل يكون الإنسان في عافية.