قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - أخبرني يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن بسر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر).
فحدثت به أبا بكر بن حزم فقال: هكذا حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة].
أورد أبو داود حديث عمرو بن العاص، وكذلك ورد من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر).
قوله: [(إذا حكم الحاكم فاجتهد)] يعني: أراد الحكم فاجتهد، وهو مثل قول الله عز وجل: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة:6] يعني: إذا أردتم القيام إلى الصلاة فتوضئوا، فكذلك إذا أراد الحاكم الحكم، (فاجتهد) يعني: بذل وسعه في الوصول إلى الحق فأصاب فله أجران: أجر على اجتهاده، وأجر على إصابته.
وإذا حكم فاجتهد وأخطأ فله أجر واحد على اجتهاده، وخطؤه مغفور مرفوع عنه الإثم.
وهذا الحديث واضح الدلالة على أنه ليس كل مجتهد مصيباً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم المجتهدين إلى قسمين: مصيب، ومخطئ، ولو كان كل مجتهد مصيباً لما كان لهذا التقسيم من فائدة.
إذاً: فالحديث واضح الدلالة على أن المجتهدين منهم من يصيب الحق ومنهم من يخطئه، ومن اجتهد وأصابه حصل على أجرين، ومن اجتهد ولم يصبه حصل على أجر واحد وخطؤه مغفور، وليس كل مجتهد مصيباً، لكن إذا أريد به إصابة الأجر فنعم كل مجتهد مصيب الأجر، وليس كل مجتهد مصيب الحق.