قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في القاضي يخطئ.
حدثنا محمد بن حسان السمتي حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار)].
أورد أبو داود باباً في القاضي يخطئ.
القاضي إذا قضى بين الناس بجهل فهو غير معذور؛ لأن كونه يقضي بين الناس وهو جاهل لا يسوغ له ذلك، حتى ولو أصاب الحق فهو آثم؛ لأن إصابته الحق كما يقولون: رمية من غير رامٍ، ولأنه ليس عالماً وإنما هو جاهل، فكونه صادف الحق ووافق الحق لا يفيده ذلك شيئاً؛ لأنه إنما قضى بجهل.
وإنما الذي يغفر له الخطأ هو الذي يكون عنده قدرة وعنده علم ويجتهد ثم يخطئ، فإنه عند ذلك إذا اجتهد وأخطأ يكون مأجوراً أجراً واحداً وقد رفع عنه الإثم، والذي اجتهد وأصاب يحصل على أجرين، أجراً للاجتهاد وأجراً للإصابة كما سيأتي في حديث عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه.
أورد أبو داود رحمه الله حديث بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (القضاة ثلاثة: واحد في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به) يعني: إنسان عنده علم وقضى بعلم فهو في الجنة؛ لأنه عرف الحق وقضى به.
قوله: [(ورجل عرف الحق فجار في الحكم)]، يعني: أنه عرف الحق وقضى بغيره وجار في حكمه فهذا في النار؛ لأنه عرف الحق ولم يعمل به.
والثالث الذي قضى بجهل فهو في النار أيضاً؛ لأنه لم يقض بعلم.
إذاً: فالذين هم في النار اثنان: إنسان علم ولكنه حاف وجار وعصى، والثاني: حكم بغير علم فكل منهما آثم، وكل منهما مخطئ، لكن الأول أشد وأسوأ؛ لأن من يعصي الله على بصيرة أسوأ وأشد ممن يعصيه عن جهل، ولهذا يقول الشاعر: إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم وعلى هذا فالقضاة ثلاثة كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاض عرف الحق وقضى به فهو في الجنة، وقاض عرف الحق ولكنه جار في حكمه فهو في النار، ورجل قضى بجهل فهو في النار.