قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في العمرى.
حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا همام عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (العمرى جائزة)].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في العمرى].
العمرى هي: عطية مضافة إلى العمر والحياة، يقول: أعطيتك هذه الدار مدة عمرك أو مدة حياتك، أو ما بقيت، أو ما عشت، أو ما إلى ذلك من الألفاظ التي تدل عليها، وقيل لها عمرى؛ لأنها مأخوذة من العمر، وهو أن يقول: مدة عمرك أو ما عشت.
وجاءت أحاديث تدل على اعتبارها وثبوتها، وأنها إذا حصلت فإنها معتبرة وثابتة، وفيها تفصيل جاء بيان بعضه في بعض الأحاديث التي ستأتي، وهو أنه إذا قال: أعطيتك لك ولعقبك، فإن هذه شأنها شأن ماله الذي يجري فيه الميراث؛ بحيث أنه ينتفع به في حياته ولو بقي بعد وفاته فإنه يكون لعقبه ويورث، وقد يكون مطلقاً بأن يقول: ما عشت أو ما حييت؛ فإن هذا يكون مثل الذي قبله؛ لما جاء من أحاديث مطلقة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أثبت ذلك، وأقر كون شأنه شأن الميراث.
والحالة الثالثة: أن يقول: هي لك ما عشت، فإذا مت فإنها تعود إلي أو إلى ورثتي، ففي هذه الحالة فيها خلاف، فمنهم من قال: إن هذا الشرط لا يعتبر، وشأنها شأن الأشياء المطلقة التي لا قيد فيها.
ومنهم من قال: إنه معتبر، وأنه بمثابة العارية التي يستفاد منها وترد في الوقت الذي يحدد إذا كان الأمر يحتاج إلى تحديد.
وعلى هذا فالعمرى سائغة وثابتة، وإن قيد بأنها له ولعقبه، فالأمر واضح ولا إشكال فيه، وإن سكت عن ذكر العقب فالأحاديث جاءت بأنها تكون أيضاً كذلك شأنها شأن الميراث، وإن جاء التقييد فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، والذي يظهر أنه معتبر ويكون من قبيل العارية، وأنه إذا قال: ترجع إليَّ بعد وفاتك فإنها تكون بمثابة العارية.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العمرى جائزة)، أي: أنها سائغة ومشروعة وأنه لا مانع منها.