قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن سلمة المرادي أخبرنا ابن وهب، عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص أن عمرو بن العاص رضي الله عنه كان على سرية، وذكر الحديث نحوه قال: (فغسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم) فذكر نحوه، ولم يذكر التيمم.
قال أبو داود: وروى هذه القصة عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال فيه: (فتيمم).
].
ذكر أبو داود رحمه الله الحديث من طريق أخرى، وفيه أن أبا قيس مولى عمرو بن العاص أخبر عن عمرو وقصته، وأنه لما صلى بالناس وهو جنب أنه غسل مغابنه وتوضأ، ولكن لم يذكر التيمم.
وقد جاء من طريق أخرى أنه تيمم، والطريق السابق فيه أنه تيمم، لكن هذا فيه أنه توضأ وتيمم للغسل؛ لأن الوضوء ولو كان الماء بارداً أسهل من الاغتسال، لكن ينبغي أن يعلم أنه إذا أمكن للإنسان أن يسخن الماء فليسخن الماء ويغتسل به ولا يعدل إلى التيمم، لكن إذا كان في فلاة أو في بر أو في عراء، وليس هناك كن يستكن به، فإنه يتضرر بالماء مع شدة البرد.
فالحاصل أن هذه الرواية التي ذكرها أبو داود فيها أنه توضأ وغسل مغابنه، وهي ما حول أصول الفخذين كما سبق أن مر بنا غسل المغابن، وهي الأماكن التي لا يصل إليها الماء إلا بمشقة.
قوله: [(فغسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم).
فذكر نحوه ولم يذكر التيمم].
عدم ذكر التيمم لا يؤثر؛ لأنه ذكر من طريق أخرى، وعدم ذكر اليتيم في هذه الرواية لعله حصل اختصاراً.
[قال أبو داود: وروى هذه القصة عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال فيه: فتيمم].
وهذه الرواية التي أشار إليها من قبل أنه لم يتيمم جاء فيها أنه تيمم، في الرواية السابقة أيضاً ذكر أنه تيمم.
إذا: هذه الرواية فيها وضوء مع التيمم.
كذلك من كان معه ماء ويخشى إذا اغتسل به الهلاك، لكن يستطيع الوضوء، فالذي يبدو كما جاء في هذا الحديث أنه يتوضأ ويتيمم للباقي.
كذلك لو كان الإنسان عنده ماء، لكن لا يكفي للاغتسال وإنما يكفي لبعضه، فإنه يستعمله ويتيمم للباقي؛ لأنه استطاع الأصل في البعض فيفعله ويتيمم للباقي.