قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا هشيم أخبرنا عبد الملك عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً)].
وهذا حديث جابر رضي الله عنه أن: (الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها ولو كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً).
قوله: (إذا كان طريقهما واحداً) فيه بيان أن الشفعة تكون مع الجوار ومع تميز حق كل واحد منهما؛ وذلك لحصول الاشتراك في الطريق؛ لأن الاشتراك في الطريق أيضاً يؤدي إلى الخصومات والمنازعات، كما كان يؤدي الاشتراك في الأرض المشاعة إلى ذلك، فالشيء المشاع هو المشترك بين الجارين، والطريق لهما جميعاً فهذا يعطي حق الشفعة، فالذي تثبت فيه الشفعة للجار هو الشيء الذي يشتركان فيه ويؤدي إلى الخصومات والنزاع لو جاء شخص جديد، وأما إذا كان متميزاً وليس هناك اشتراك لا في طريق ولا في غير طريق فإن الشفعة لا تثبت، وقد مر في الأحاديث: (فإذا وضعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة).
قوله: (ينتظر بها وإن كان غائباً) معناه أن حقه ثابت ولو كان غائباً بحيث إنه إذا جاء أو علم فإن له حق الشفعة ولو ما مضى عليها وقت، والمهم أنه من حين يعلم فعليه أن يشفع إن كان يريد الشفعة.
وأما إذا لم يعلم الشريك أن شريكه قد باع، وكان قد باع منذ فترة طويلة، فإن له أن يشفع حتى ولو كان في ذلك ضرر على المشتري، وأما إذا علم فليس له حق، وأما إذا وجد بنيان فقد يكون هذا سبباً في عدم الرغبة في الشفعة، ولكن الآن كما هو معلوم سهولة الاتصالات تبسط الأمر، ويمكن أن يعلم الإنسان أو يتصل به، فإن شفع فالحمد لله، وإن لم يشفع بقيت البيعة لمن هي له.
والمشتري قبل أن يتصرف حتى لا يقع في محذور ويقع اختلاف يتصل بالشخص ويقول: إني اشتريت فإن شفع انتهى، وإن لم يشفع بقي البيع على ما هو عليه.