قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمود بن خالد حدثنا الفريابي عن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن عن مخلد بن خفاف الغفاري قال: كان بيني وبين أناس شركة في عبد فاقتويته وبعضنا غائب، فأغل علي غلة، فخاصمني في نصيبه إلى بعض القضاة، فأمرني أن أرد الغلة، فأتيت عروة بن الزبير فحدثته، فأتاه عروة فحدثه عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الخراج بالضمان)].
أورد الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [كان بيني وبين أناس شركة في عبد فاقتويته].
أي: استخدمته واستفدت منه، ويدخل في ذلك الأرض إذا استعملها ووجد فيها عيباً فردها، وكذلك الماشية، فلا فرق بين العبد وغير العبد، مع العلم أن الماشية ينفق عليها مع كونه ضامناً لها أيضاً، فكما أنه يحلبها مثلاً فيستفيد ومن حليبها فهو يطعمها علفاً, فإذاً: هناك فائدة وهناك أيضاً ما صرفه عليها، لكن العبد كما هو معلوم يمكن أن يعمل فتحصل الفائدة من ورائه، لكن القضية مبنية على كونه مضموناً عليه لو هلك.
أما المصراة فإن الرسول حكم بردها ومعها صاعاً من تمر، ولا يوجد فيها خراج بالضمان؛ لأن فيها تثليثاً, والرسول صلى الله عليه وسلم أعطاه المهلة لمدة ثلاثة أيام، إن رضيها بقيت وبقي الأمر على ما هي عليه، وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر، وإذا تلفت المصراة خلال الثلاثة أيام فإنه يضمنها؛ لأنه ما عرف أنها مصراة إلا بعدما حلبها.
وقوله: [كان بيني وبين أناس شركة في عبد فاقتويته].
أي أنه حصل خلاف في أن الخراج بالضمان، فرجعوا إلى عروة بن الزبير فحدثهم بالحديث؛ لأن القاضي أراد أن يحكم بغير ما جاء في قصة الخراج والضمان فرجعوا إلى عروة فبين أن حكم الرسول صلى الله عليه وسلم أن الخرج بالضمان.
[فأغل علي غلة، فخاصمني في نصيبه إلى بعض القضاة، فأمرني أن أرد الغلة، فأتيت عروة بن الزبير فحدثته، فأتاه عروة فحدثه].
لأنه لا يستحق أن يرد عليه شيئاً.
[فحدثه عن عائشة عليها السلام].
هذه اللفظة غريبة وغالباً ما تأتي عند ذكر فاطمة فيقال: عليها السلام، وهذا من عمل النساخ مثلما قال ذلك ابن كثير في تفسير قول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56] فقال: إنه يأتي في بعض الكتب (فاطمة عليها السلام أو علي عليه السلام، أو الحسن عليه السلام) وقال: هذا من عمل نساخ الكتب، وليس من عمل المصنفين والمؤلفين, فعندما ينسخ الكتاب شخص يأتي عند ذكر الآل فيقول: (عليه السلام)، وإلا فإن الصحابة يعاملون معاملة واحدة، أما جبريل فيقال (عليه السلام)، والكلام هو على تخصيص بعض الصحابة دون بعض.