قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في شرط في بيع.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى -يعني: ابن سعيد - عن زكريا حدثنا عامر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (بعته -يعني: بعيره- من النبي صلى الله عليه وآله وسلم واشترطت حملانه إلى أهلي -قال في آخره-: تراني إنما ماكستك لأذهب بجملك؟! خذ جملك وثمنه فهما لك)].
أورد أبو داود: (باب في شرط في بيع)، ومعلوم أن الشرط في بيع إما أن يكون صحيحاً وإما أن يكون غير صحيح، فإن كان صحيحاً فالبيع صحيح والشرط صحيح، وإن كان غير صحيح فيفسد الشرط ويبقى البيع، مثل قصة بريرة واشتراط أهلها الولاء لهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم أقر البيع وألغى الشرط؛ لأنه شرط باطل، وعلى هذا فالشروط إما أن تكون صحيحة -سواء كانت شرطاً واحداً أو أكثر- فهي معتبرة، وإن كانت غير صحيحة فهي فاسدة وغير معتبرة.
أورد أبو داود حديث جابر في قصة بيعه جمله من النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا في طريقهم إلى المدينة، وكان قد أعيا وصار وراء الجيش، فالنبي صلى الله عليه وسلم ضربه ودعا له، فصار يسبق غيره، والرسول قال: (بعنيه بكذا، فباعه إياه واشترط ظهره إلى المدينة)، أي: أن يستمر راكباً عليه إلى المدينة، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم عندما وصل المدينة وأراد أن يسلمه الثمن قال: (تراني ماكستك) يعني لما قال: بعنيه بكذا، بعنيه بكذا, (لآخذ جملك! خذ جملك ودراهمك)، فأعطاه الدراهم التي اتفق معه عليها، وأعطاه الجمل الذي اشتراه منه صلى الله عليه وسلم.
والحاصل: أن الشرط الصحيح معتبر، والشرط الفاسد غير معتبر.
[واشترطت حملانه إلى أهلي].
يعني: أن يركبه إلى أن يصل إلى المدينة؛ لأنه اشتراه في الطريق.
قال في آخره: (تراني إنما ماكستك لأذهب بجملك).
أي: ترى أنني لما قلت: بعني بكذا بعني بكذا أريد أن أحصل على جملك برخص, خذ جملك ودراهمك.
فأعطاه الدراهم وأعطاه الجمل صلى الله عليه وسلم.