قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في السلم بثمرة بعينها.
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن رجل نجراني عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رجلاً أسلف رجلاً في نخل فلم تخرج تلك السنة شيئاً فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: بم تستحل ماله؟ اردد عليه ماله، ثم قال: لا تسلفوا في النخل حتى يبدو صلاحه)].
أورد أبو داود باباً في السلم بثمرة بعينها، يعني: بنخل معين، أو نخلة أو نخلات معينة إذا كانت نخلات معينة وهي قليلة جداً، كنخلة ونخلتين، فهذا لا يصلح، ولكن إن كان في بستان كبير فلا بأس، والموصوف في الذمة لابد منه، إن أتى به وإلا أتى بغيره، أو رد عليه القيمة.
أورد أبو داود حديث (أن رجلاً أسلف رجلاً في نخل فلم تخرج تلك السنة شيئاً).
يعني: لم يخرج ذلك النخل شيئاً.
(فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بم تستحل ماله؟).
يعني: النقود التي أخذتها منه، لأن صاحب النخل لم يخرج نخله ثمراً، وقد وصلته النقود المعجلة فبأي شيء يستحلها.
قوله: (اردد عليه ماله).
يعني: النقود التي أعطاها إياك، وإن أعطاه شيئاً مقابله ينطبق عليه الوصف فلا بأس.
ثم قال: (لا تسلفوا في النخل حتى يبدو صلاحه).
وهذا الحديث ضعيف؛ لأن الناس يسلفون السنة والسنتين كما مر في الحديث السابق فكيف لا يسلف حتى يبدو صلاحه؟ فإذا بدا صلاحه جاز بيعه؛ لأنه قد طاب وبدأت الاستفادة منه، والحديث الذي سبق فيه جواز السلم السنة والسنتين والرسول أقرهم على ذلك، وقال: (من أسلف فليسلف في كيل معلوم، أو وزن معلوم، إلى أجل معلوم).
وهذا الحديث غير صحيح؛ لأنه ورد في طريقه رجل مجهول مبهم، فالحديث لم يصح، فما جاء فيه من ذكر أنه لا يكون له السلف حتى يبدو صلاحه غير صحيح، وهو مخالف للحديث الصحيح الذي سبق أن مر.
قوله في الترجمة: (باب في السلم بثمرة بعينها).
يعني: ثمر نخل بعينه، المهم أن يكون له ثمر ينطبق عليه الشروط التي جرت بينهم.
إذاً: في شجرة معينة لا يجوز؛ لأنها قد لا تثمر، لكن كونه بستاناً كبيراً فيه عشرات أو مئات النخل، فلا بأس؛ لأنه في الغالب يوجد فيه، لكن النخلة والنخلتين أو الثلاث قليلة قد لا تنتج.