قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه وقتادة وحميد عن أنس: (قال الناس: يا رسول الله! غلا السعر فسعر لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله هو المسعر، القابض الباسط الرزاق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال)].
هذا الحديث مثل الذي قبله، وفيه أن هذا إلى الله عز وجل، فهو الذي يخفض ويرفع ويبسط ويضيق، وهذه من أفعال الله عز وجل يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد سبحانه وتعالى، وهو الذي يأتي بالخير ويأتي بالنعم، وإذا شاء أن تقل فكل ذلك يرجع إلى مشيئة الله سبحانه وتعالى.
ولو ألزم التجار بسعر معين، فقد تكون السلع دخلت عليهم بأثمان غالية، فإذا ألزم التاجر أن يبيع بأقل مما اشترى فهذا يعني أنه ألزم بالخسارة، وفي ذلك ظلم له.
قوله: [(إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق)].
هذه من أفعال الله عز وجل، والقابض الباسط متقابلان، أي: تضييق الرزق وتوسيعه.
والمسعر يعني أن الله هو الذي بيده كل شيء، وهو الذي يحصل منه كثرة الرزق بأيدي الناس ولا يحتاجون إلى طلب تسعير، وقد يحصل خلاف ذلك فيحتاج الناس إلى التسعير، لكن التسعير فيه ظلم للناس كما عرفنا، لكن لا يقال: إن من أسماء الله المسعر؛ لأن هذا من أفعال الله عز وجل، فالنبي صلى الله عليه وسلم يخبر عن الله بهذه الأشياء، ولا يقال: إن هذا من أسماء الله.
والقابض الباسط متقابلان، قال الله: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الشورى:12]، فكل منهما مرتبط بالآخر.
والله هو النافع الضار لكن لا يقال: من أسماء الله النافع الضار، فالله عز وجل يوصف بأنه نافع وضار، أعني: يخبر عنه بأنه نافع ضار، لكن لا يقال: إن من أسمائه النافع الضار.
والرزاق جاء في القرآن في قوله تعالى: {إن الله هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:58]، وأما الرازق فجاء في هذا الحديث، وهو إخبار عن أفعال الله سبحانه وتعالى، لكن لا أدري هل جاء اسم الرازق في غير هذا الحديث؟