قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المساقاة.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع)].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في المساقاة.
المساقاة: هي أن يدفع رجل نخله إلى آخر ليقوم بسقيها وتعاهدها وإصلاحها وما يتعلق بها بجزء معلوم النسبة مما يخرج منها، وهي مثل المزارعة إلا أن المزارعة فيها تسليم الأرض ليزرعها العامل وله نصف ما يخرج منها أو أقل أو أكثر، والمساقاة تتعلق بالعناية بالشجر وسقيه وتعاهده، ويكون له جزء معلوم النسبة مما يخرج.
إذاً: المزارعة والمساقاة مؤداهما ونتيجتهما واحدة، وقد جاءت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بجواز المساقاة والمزارعة بشيء معلوم النسبة.
والممنوع منهما ما كان فيه جهالة كأن يقول: النخلات الفلانية لي والباقي لك، أو النوع الفلاني من النخل ثمرته لي والباقي لك، أو يقول: ما يكون على الأنهار وعلى السواقي ويمر به الماء لي والباقي لك، فهذا كله لا يجوز، لا في المزارعة ولا في المساقاة، وإنما الذي يجوز هو دفع الأرض ليشتغل فيها عامل وله جزء معلوم النسبة مما يخرج منها، أو دفع الشجر لمن يقوم بإصلاحه والعناية به وله جزء معلوم النسبة مما يخرج منه.
أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل يهود خيبر على أن يعملوها ولهم الشطر مما يخرج منها من ثمر أو زرع، وقوله: (من ثمر) يتعلق بالمساقاة، وقوله: (من زرع) يتعلق بالمزارعة، وقد يكون هذا مستقلاً وهذا مستقلاً، وقد يجمع بينهما بأن تكون الأرض فيها زراعة وفيها نخل، فيكون فيها مساقاة ومزارعة، وقد تكون الأرض فيها مساقاة بدون زرع أو مزارعة بدون مساقاة، وكل ذلك سائغ وجائز ما دام أنه بشيء معلوم النسبة مما يخرج من الأرض.
والمساقاة تكون في النخل وغير النخل، وقد جاء في بعض الأحاديث: (من زرع أو نخل أو شجر).