قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في آكل الربا وموكله.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا سماك حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه رضي الله عنه قال (لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه)].
قوله: [باب في آكل الربا وموكله] أي: حكمه، وأنه ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد أورد المصنف هذا الحديث عن عبد الله بن مسعود قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه) آكل الربا هو الذي يأخذ الربا، وليس المقصود بذكر الأكل قصر الانتفاع على الأكل، بل الحكم واحد ولو استعمله في غير الأكل، كأن يشتري به لباساً أو سيارة أو بيتاً، ولكنه ذكر الأكل لأنه أغلب وجوه الانتفاع، وقد قال الله في القرآن: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء:10]، فهو من هذا القبيل، ذكر الأكل لأنه أهم وجوه الانتفاع.
وموكله هو الذي دفعه؛ لأن المعاملة فيها آخذ ومعطي، فآكله هو الذي أخذه، وموكله هو الذي دفعه، وكاتبه هو الذي يكتب بين الآكل والموكل، والشهود هم الذين يشهدون على عقد الربا، فهؤلاء ملعونون أيضاً؛ لأن مساعدتهم والكتابة لهم والشهادة على أمر محرم من التعاون على الإثم والعدوان، وكلهم ملعونون على لسان رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.