قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن داود المهري وعبد الملك بن شعيب عن ابن وهب نحو هذا الحديث قال: (قام المسلمون فضربوا بأكفهم التراب ولم يقبضوا من التراب شيئاً، فذكر نحوه، ولم يذكر المناكب والآباط، قال ابن الليث: إلى ما فوق المرفقين)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث عمار من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه أنه قال: (لم يقبضوا شيئاً من التراب) ومعناه: أنهم لما ضربوا لم يأخذوا شيئاً من التراب بأيديهم، وإنما الذي علق باليدين عند الضرب هو الذي تيمموا به، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه نفخ يديه حتى يخفف الغبار الكثير الذي علق باليد.
إذاً: قوله: (لم يقبضوا)، يبين أن قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة:6] أن قوله: ((مِنْهُ)) يعني: ما يعلق باليد، وليس المقصود به ما يقبض باليد وما يمسك باليد، وإنما ما يعلق باليد من الصعيد مما يتصاعد ويتطاير عند الضرب في الأرض، فهذا هو الذي يمسح به، وإذا كان كثيراً ينفض؛ لأنه جاء في بعض الروايات الصحيحة في البخاري وغيره: (أنه نفخ يديه حتى يخفف التراب).
قوله: [وقال ابن الليث].
ابن الليث هو عبد الملك بن شعيب بن الليث أحد شيخي أبي داود في هذا الحديث، وهو الشيخ الثاني.